فإنها لم تكتف بغسل بعض يحتمل كونه هو النجس ، مع أنه بذلك ينقطع باب المقدمة ، فتأمل جيدا جدا.
ولعلك بما ذكرنا ينكشف لك الكلام فيما لو اشتبه أحد الإنائين المشتبهين بمتيقن الطهارة ، فإنه صرح العلامة في المنتهى بوجوب الاجتناب فيه ، وما عن صاحب المعالم من الاعتراض عليه من أن ذلك خارج عن النص ومحل الوفاق ، فلا بد له من دليل فيه ما لا يخفى بعد ما سمعت ما تقدم ، وكأنه هذا الكلام منه بناء على ان مسألة الإنائين خارجة بالنص لا من المقدمة ، فلذلك اعترض بما سمعت ، وقد عرفت ما فيه ، ولعله يقرب مما ذكرنا من المسألة أيضا ما لو لاقى أحد الإنائين شيئا آخر كالثوب أو البدن ، والمشهور بين الأصحاب الحكم بطهارة الملاقي ، لاستصحاب طهارته ، وعن العلامة في المختلف وجوب اجتنابه ، وربما بناه بعض المتأخرين على انه يظهر من الأدلة أن المحصور يعامل معاملة النجس وهو بعيد ، نعم لعل ما ذكره رحمهالله مبني على ما تقدمت الإشارة منا اليه من جريان المقدمة فيه ، وذلك لأنه يكون حينئذ مكلفا باجتناب النجس ، وهو دائر بين ان يكون هذا الإناء والثوب أو الإناء الآخر والثوب ، أو هذا الإناء وحده أو الآخر وحده ، فيجب ترك الجميع من باب المقدمة ، وبذلك ينقطع الاستصحاب ، كما انقطع الاستصحاب في غيره ، إذ لا معنى للقول بخصوص الحكم فيما إذا كان الاشتباه في الإناءات أي في متحد النوع دون غيره ، فان من اليقين جريان المقدمة فيما لو وقعت في الإناء أو الثوب أو البدن ونحو ذلك ، ولصاحب الحدائق في المقام كلام واضح الفساد ، فراجع وتأمل.
نعم لقائل أن يقول : وهو الأقوى في النظر ، إنك قد عرفت ان العمومات شاملة لجميع ذلك كله ، وبها انقطعت القاعدة ، قصارى ما هناك انه وقع لنا الشك في شمولها للشبهة المحصورة التي يقع الاشتباه فيه من حيث وقوع النجاسة ، لا من أجل ما عرفت من إعراض الأصحاب عن التمسك بتلك العمومات فيها في مقامات متعددة من غير نظر