وقول أبي عبد الله عليهالسلام (١) : « ان سؤر الحائض لا بأس ان يتوضأ منه إذا كان تغسل يديها » إذ لا واسطة بينهما قطعا ، مع انه يرجع الى المأمونة وغيرها ، فالمتجه حينئذ أنه لا يحكم على المجهولة بكراهة ولا عدمها بالخصوص ، وما يقال : ان الشارع اشترط في نفي الكراهة كونها مأمونة يدفعه أنه كما اشترط ذلك في المنطوق اشترط في المفهوم كونها غير مأمونة ، نعم قد يقال : ان الروايات قد نهت عن الوضوء بسؤر الحائض مطلقا ، أقصى ما هناك خرجت المأمونة عن هذا الإطلاق ، فيبقى الباقي ، مع أن فيه بحثا ذكرناه في غير المقام وإن كان هو لا يخلو من قوة ، بل قد يقال : بعدم الكراهة في الحكم الظاهري ، لأصالة البراءة ، واستصحابا لحال الماء ، فان احتمال المأمونية كاف في جريانه ، وليس من الاستصحاب المثبت ، إذ ليس المقصود منه إثبات المأمونية ، كما ان كون الشرط لعدم الكراهة أمرا وجودا وهو المأمونة غير قادح في ذلك ، بل يكون حينئذ كاحتمال الكرية في حفظ طهارة ما لا يعلم حاله هل هو كر أو لا فتأمل.
وعن بعضهم كالشيخ في المبسوط وعلم الهدى في المصباح أنهما أطلقا الحكم بكراهة سؤر الحائض من غير تقييد ، وكأنه للأخبار (٢) المعتبرة المستفيضة الناهية عن الوضوء بسؤر الحائض من غير تقييد ، وهي كثيرة ، لكن فيه أنها لا تعارض المقيد ، كما بين في محله ، مثل قول أبي الحسن عليهالسلام (٣) في خبر علي بن يقطين في الرجل يتوضأ بفضل الحائض : « إذا كانت مأمونة لا بأس » وقول أبي عبد الله عليهالسلام (٤) لما سأله العيص بن القاسم على ما عن رواية الشيخ له عن سؤر الحائض : « توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ، وتغسل يديها قبل أن تدخلهما الإناء » الى آخره والمناقشة باحتمال جعل القيد للأخير ، كما في رواية الكليني مع انه أضبط ، فإن فيها « لا تتوضأ
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأسئار ـ حديث ٩.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأسئار.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب الأسئار ـ حديث ٥.
(٤) الاستبصار ـ الباب ـ ٧ ـ حديث ٢.