تعلق الذمة والمال المعين مع الحكم بالبطلان على تقدير تلفه. بأن يجعل التعلق بالذمة مشروطا بالأداء من المال عملا بمقتضى الشرط أو يجعل هذا تعلقا برأسه خارجا عن التعلقين ، إذ لا دليل على الانحصار فيهما ، وإنما هو من مناسبات الشافعية وحينئذ فيجعل التعلق مخصوصا بالعين وفاء بالشرط ، فإن التزام المال من غير المعين لم يتعلق به قصد الضامن ، ولا دل عليه لفظ » إذ هو كما ترى ، بعد ما ذكرنا ، مضافا إلى معلومية أن تعذر الشرط في العقود اللازمة إنما يقتضي انتفاء اللزوم لا الصحة ، وإلا كان تعليقا كما هو محرر في محله ، فالتحقيق ما ذكرناه ، ولا ينافيه دعوى عدم قابلية عقد الضمان للخيار كالنكاح والوقف ، ونحوهما ، إذ هي مجرد دعوى لا سند لها ، بل مقتضى العمومات خلافها.
وبذلك كله ظهر لك وجه النظر فيما ذكرناه من كلامه ومن تبعه ، بل وفيما لم نذكره فلاحظ وتأمل وحينئذ فلا ريب في إكمال الضامن مع نقصان المال الذي تعلق الضمان به ، كما أنه لا ريب في كونه المطالب بتحويله إلى جنس الحق ، لما عرفت من كون المال في ذمته ، وهو المخاطب بأدائه من هذا المال.
ومن الغريب احتمال عدم ضمانه النقصان ، كاحتمال براءة ذمة الضامن والمضمون عنه بتعذر المال المشترط فيه الضمان المتقدم سابقا ، إذ هما منافيان للأصول والضوابط ثم لا يخفى عليك أن اقتصار المصنف على المملوك في التفريع على ما ذكره من جواز التصرف مشعر بجواز الضمان من المفلس بل والسفيه ، وأنهما ليسا ممنوعين منه ، بل هما جائز التصرف بالنسبة اليه ، وهو كذلك في المفلس ، وإن كان لا يشارك المضمون له الغرماء.
أما السفيه فقد أطلق غير واحد عدم جواز ضمانه ، لانه تصرف مالي كالاقتراض والهبة ، وهو كذلك لكن ربما احتمل الجواز برضى المضمون له على ان يتبعه به بعد فك الحجر ، لكنه كما ترى ، ضرورة أنه مع الحجر عليه لا تقبل ذمته ذلك على وجه يكون من ديونه ، بحيث يتعلق بتركته بعد موته مثلا ، وإلا لجاز بيعه كذلك كما هو واضح.