بعدم إتمام العمل ، أو بالفسخ أو نحو ذلك ، اتجه حينئذ ضمانه للثبوت في الذمة حينئذ فعلا وإن كان معرضا للبطلان ، لأنه لا ينافي صحة الضمان.
وكذا يصح لو قلنا بأن العمل من الشرائط الكاشفة ، لكن بتمام العمل ينكشف صحة الضمان ، وبعدمه ينكشف بطلانه ، ولعل ذلك لا يخلو من قوة ، وقد سمعت إمكان إرادته من الشيخ وابن زهرة ، ومما ذكرنا ظهر لك أن التردد في الحكم من المصنف للتردد في أصل ثبوت مال الجعالة في الذمة لا للتردد في صحة الضمان ، وان لم نقل بثبوته فيها كما عساه يوهمه ما سمعته من المختلف والتذكرة ، والتحقيق ما عرفت في مال الجعالة ، ومثله يجري في مال السبق والرماية ، ويأتي إنشاء الله في بابيهما تمام الكلام في ذلك ، هذا كله قبل العمل.
أما بعده فلا إشكال ولا خلاف في صحة الضمان وهل يصح ضمان مال الكتابة قيل والقائل الشيخ في المحكي من مبسوطة لا يصح لأنه ليس بلازم ، ولا يؤول إلى اللزوم أما الأول فلانه لا يلزم العبد في الحال ، لأن للمكاتب إسقاطه بفسخ الكتابة ، للعجز فلا يلزم العبد في الحال ، وأما الثاني فلأنه إذا أداه عتق ، وإذا عتق خرج عن ان يكون مكاتبا ، فلا يتصور أن يلزم في ذمته مال الكتابة بحيث لا يكون له الامتناع من أدائه ثم قال : فهذا المال لا يصح ضمانه ، لأن الضمان إثبات مال في الذمة ، والتزام لأدائه ، وهو فرع للمضمون عنه ، فلا يجوز أن يكون ذلك المال في الأصل غير لازم ، ويكون في الفرع لازما ، فلهذا منعنا عن صحة ضمانه ، وهذا لا خلاف فيه.
ولكن لا يخفى عليك أنه لو قيل بالجواز كان حسنا وفاقا للفاضل وثاني الشهيدين والكركي وغيرهم ، لتحققه في ذمة العبد بعقد الكتابة ولو المشروطة ، فيصح حينئذ ضمانه كما لو ضمن عنه مالا غير مال الكتابة وجواز تعجيز نفسه فيعود رقا ، لا ينافي الثبوت في الذمة ، بل أقصاه عدم الاستقرار كالثمن في مدة الخيار بل أولى منه ، ضرورة أنه هنا مع الضمان عنه لينعتق ، لأنه بحكم الأداء بخلاف الثمن في مدة الخيار ، فإن ضمانه لا يرفع أصل الخيار.