في الصورة السابقة في ان منشأ ذلك القبض وعدمه ، وكان الوجه فيه ما أومأنا إليه من تحقق ضابط المنكر في صورة القبض ، وهو ما لو ترك ، لترك ، وكونه صاحب يد ، فمن ذلك مع موافقة قول المحيل للأصول السابقة حصل التردد ، بخلاف صورة عدم القبض ، فإنه لا يد له ، ولا الضابط المزبور ، فانحصر ضابط الإنكار حينئذ في المحيل ، وهو جيد إن لم يكن ثم ظهور فيما جرى بينهما من لفظ أحلتك في الحوالة ، ولو لتعارف إطلاق نحو ذلك في إنشاء عقد الوكالة ، كما أن من المتعارف إطلاق التحويل على وكالة من لم يكن له دين على من عليه ، وخصوصا إذا كان المراد تحصيل ذلك له لا للموكل.
ومن هنا قد يتوقف في الحكم على المحيل بشغل الذمة للمحتال لو فرض كون النزاع بينهما في ذلك مع اتفاقهما على صدور اللفظ المزبور بينهما ، وإن كان الأرجح مع فرض عدم ظهور اللفظ تقديم قول المحيل الموافق للأصول واليد ، وضابط المنكر إنما تجدي مع عدم استناده إلى التحويل المخالف للأصل ، كما هو المفروض.
نعم لو كان إبراز الدعوى بأن يقول المحيل وكلتك ، والآخر يقول في جوابه لا حق لك عندي ، اتجه حينئذ تقديم قوله عليه كما هو واضح.
ومن هنا يظهر لك أن القول قول المحيل على كل حال ، بعد فرض كون جواب المحتال أنك أحلتني ، وفرض عدم ظهور ما اتفقا عليه من جريان لفظ أحلتك بينهما في الحوالة ، وإلا كان القول قول المحتال ، تقديما لظاهر اللفظ القاطع للأصول بذلك.
ولو انعكس الفرض بأن قال المحتال : وكلتني وقال المحيل : حولتك ، بعد اتفاقهما على جريان لفظ الحوالة بينهما فالقول قول المحتال عند المصنف ، سواء كان قابضا أو لا ، لموافقته للأصول ، لكن قد عرفت أن الأرجح كون القول قول المحيل ، ترجيحا للموافقة لظاهر اللفظ ، القاطع للأصول الذي هو أصل مقدم على ذلك.
نعم لو لم يكن ثم لفظ قد جرى بينهما ، وادعى أحدهما الوكالة ، والآخر الحوالة كان القول قول من نفي الحوالة ، ثم لا يخفى عليك أنه إن قدمنا قول المحتال