بل عن الصيمري الإجماع عليه ، لقاعدة « لا ضرر ولا ضرار » وفحوى ما تسمعه في القاتل ولما في المسالك ومحكي التذكرة وغيرها من أنه غصب اليد المستولية المستحقة من صاحبها فكان عليه إعادتها أو أداء الحق الذي بسببه ثبتت اليد عليه وإن كان هو كما ترى ، إن لم يرجع إلى ما ذكرنا أو إلى وجهه أو إلى دعوى شمول « على اليد ما أخذت حتى تؤدى » (١) لمثل ذلك.
ولكن لا يخفى عليك أن مدرك الحكم إن كان ذلك ونحوه ، ينبغي عدم الفرق فيه بين الصبي والمجنون وغيرهما ، ولعل ذلك هو مقتضى ما في المتن وغيره من التعبير بمن أطلق الشامل لذلك نحو غيره من خطاب الأسباب.
إلا أن الانصاف عدم تنقيح في كلامهم لمثل ذلك ، كعدمه بالنسبة إلى غير ذلك من تفويت استيفاء الحق بتخويف ونحوه ، وينبغي الاقتصار على محل اليقين ، أو ما كان في حكمه ولو بظاهر الدليل المعتبر فيما خالف أصل البراءة وغيرها.
ثم لا يخفى عليك أن الحكم المزبور لما كان ذلك لازم الكفالة أطلق عليه اسمها وإلا فهو ليس من الكفالة المصطلحة قطعا ، ضرورة عدم العقد فيه ، والظاهر كون التخيير المزبور على نحو ما سمعته في الكفالة ، بمعنى أن له التبرع بالأداء فداء عن الإلزام بالإحضار ، ويلزم المستحق بالقبول ، وليس له اقتراح الإحضار ، فإن الضرر ينجبر بذلك ، أو مع التراضي.
لكن في المسالك « ينبغي أن يكون الحكم هنا كما سلف في الكفيل الممتنع من تسليم المكفول ، يطالب بالتسليم مع الإمكان لا أن يفوض التخيير اليه ».
وفيه : أنه لا دليل على ذلك ، بل أصل البراءة يقتضي خلافه ، وخبر القاتل إنما هو في العمد الذي كان الحق فيه القصاص ، وقاعدة الضرر لا تقتضي أزيد من التخيير المزبور ، ومن هنا لم أجد غيره ممن تقدم عليه ذكر ذلك هنا ، حتى ممن عين الإحضار في الكفالة نعم ليس له الرجوع عليه بما أدى إذا لم يكن الأداء بإذنه ، كما صرح به غير واحد ، للأصل وغيره.
__________________
(١) المستدرك ج ـ ٢ ـ ص ٥٠٣.