جهالتهما به بلا خلاف فيه في الجملة ، بل في المسالك وغيرها الإجماع عليه ، لإطلاق الأدلة وخصوص الصحيح (١) عن الباقر والصادق عليهماالسلام « أنهما قالا في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه ، لا يدرى كل واحد منهما كم له عند صاحبه فقال كل واحد منهما لصاحبه : لك ما عندك ، ولي ما عندي ، فقال : لا بأس بذلك إذا تراضيا وطابت به أنفسهما » ، ونحوهما الموثق (٢) والمناقشة ـ باحتمال كون مضمونها الإبراء ، لا الصلح ـ يدفعها فهم الأصحاب ذلك منها ، وظهور إرادة المعاوضة فيها ، وليست حينئذ إلا الصلح ، فلا إشكال حينئذ في الدلالة على المطلوب ، على أن الحاجة ماسة إلى تحصيل البراءة مع الجهل ، ولا وجه إلا الصلح.
نعم لو كان أحدهما عالما به دون الآخر لم يصح الصلح في نفس الأمر بل لا بد من الإعلام بالقدر إن كان الجاهل المستحق ، كما سمعته في خبر أبي حمزة ، (٣) أو كان المصالح به قدر حقه مع فرض عدم تعينه ، ومع ذلك فالعبرة بوصول الحق لا بالصلح.
نعم لو فرض الرضا الباطني على كل حال صح كما عرفته فيما تقدم ، وإن كان العالم ، المستحق ، لم يصح الصلح بزيادة عن الحق بل بقدره فما دون عكس الأول إلا مع فرض الرضا المزبور الذي يمكن استفادة حكمه ـ مضافا إلى (٤) عموم « تسلط الناس على أموالهم ـ » من الصحيح (٥) عن الصادق عليهالسلام « في الرجل يكون عليه الشيء فيصالح؟ فقال : إذا كان بطيبة نفس من صاحبه فلا بأس » وغيره بناء على إرادة الصلح بالأنقص كما هو الغالب ، مع عدم اعلامه بالحال ، والحكم في ذلك كله واضح ، بل الظاهر عدم اعتبار المنازعة في ذلك ، إذ الحكم المزبور يأتي في مطلق التصالح وإن لم تكن منازعة مع علمهما وجهلهما كوارث تعذر علمه بمقدار حصته ، وشريك امتزج ماله بمال الآخر بحيث لا يتميز ولا يعلمان قدر ما لكل منهما ونحو ذلك ، بل في المسالك
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الصلح الحديث ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الصلح الحديث ٣.
(٣) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الصلح الحديث ٢.
(٤) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ من الطبعة الحديثة.
(٥) الوسائل الباب ـ ٥ ـ من أبواب أحكام الصلح الحديث ـ ٣.