« ولو كان جهلهما بالقدر لتعذر المكيال والميزان ومست الحاجة إلى نقل الملك فالأقرب الجواز وهو خيرة الدروس ».
قلت : بل في التذكرة : لا يشترط العلم بما يقع الصلح عنه لا قدرا ولا جنسا بل يصح الصلح سواء علما قدر ما تنازعا عليه وجنسه أو جهلاه دينا كان أو عينا وسواء كان إرثا أو غيره عند علمائنا أجمع » إطلاقه ـ كما في المتن وغيره ، بل والنصوص كما اعترف به في الرياض ـ يقتضي عدم الفرق في الصحة بين كون المصالح عنه مما يتعذر معرفتهما له مطلقا أو لا ، أمكن معرفته في الحال أم لا ، لعدم مكيال أو ميزان ونحوهما من أسباب المعرفة بل لا خلاف في الأولى على ما قيل ، لاتفاق الأدلة نصا وفتوى عليها ، مضافا إلى أن إبراء الذمة أمر مطلوب ، والحاجة إليه ماسة ، ولا طريق إليه إلا الصلح ، فلا إشكال فيها ، وكذا في الثالثة عند جماعة كالشهيدين والفاضل المقداد لتعذر العلم به في الحال مع اقتضاء الضرورة ومساس الحاجة لوقوعه ، والضرر بتأخيره وانحصار الطريق في نقله فيه مع تناول الأدلة السابقة له ، ومن هذا القبيل أيضا الصلح على نصيب من ميراث أو عين يتعذر العلم بقدره في الحال ، مع إمكان الرجوع في وقت آخر إلى عالم به ، مع مسيس الحاجة إلى نقله في الحال.
نعم والرياض يشكل في الثانية من عموم الأدلة بالجواز المعتضدة بإطلاقات عبائر كثير من الأصحاب ، ومن حصول الجهل والغرر فيها الموجبين للضرر بالزيادة والنقيصة مع إمكان التحرز عنهما ، ولذا قيد في المسالك وغيرها الصحة بما إذا تعذر تحصيل العلم بالحق والمعرفة بالكلية ، ثم قال : وهو حسن ، إما لترجيح عموم أدلة النهي عن الغرر أو لتعارضهما مع عموم جواز أدلة الصلح مع عدم مرجح للثانية ، فلا بد من المصير حينئذ إلى حكم الأصل ، وهو الفساد وعدم الصحة ، مضافا إلى إمكان ترجيح أدلة النهي عن الغرر باعتضادها بالاعتبار ، ورجحانها عند الأصحاب على أدلة الصحة في كثير من المعاملات المختلفة كالبيع والإجارة ونحوهما من المعاملات المختلفة.
وفيه أولا : منع العموم في المعتبر من أدلة النهي عن الغرر ، فضلا عن ترجيحه أو معارضته لعموم الصلح والرجوع إلى أصالة الفساد إذ لم نعثر في المعتبر منها إلا