أبي هريرة (١) عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم « لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبة على جداره » واضح الفساد ضرورة وجوب طرح مثل هذا الخبر المعارض لأصول المذهب وقواعده.
لكن يستحب اجابته ، لما ورد من الحث على قضاء الحوائج ، والتوصية بالجار ، بل يمكن الحكم بكراهية المنع ، للخبر المزبور ولغيره ، وحينئذ فـ ( لو أذن جاز الرجوع قبل الوضع إجماعا ) بقسميه ، للأصل وغيره ، بل ظاهرهم ذلك ، وان استلزم ضررا عليه ، بفعل المقدمات من بناء وغيره.
وبعد الوضع المستلزم نقضه للضرر لا يجوز الرجوع عند الشيخ ومن تبعه لأن المراد به للمستعير والمعير التأبيد فهو حينئذ كالعارية للدفن وللضرر الحاصل بالنقض حيث يفضي الى خراب ملك المأذون.
ولكن مع ذلك فالقول بالجواز حسن مع الضمان بل هو خيرة الفاضل والكركي ، وثاني الشهيدين ، لأنه عارية ، ومن لوازمها جواز الرجوع الذي هو مقتضى الاستصحاب وقاعدة تسلط الناس وغير ذلك. والإلحاق بالدفن قياس مع الفارق لتحريم النبش ، وكذا العارية للرهن ، المقتضي لتعلق حق الغير به على وجه يقتضي اللزوم من طرف الراهن ، بخلاف ما هنا ، فإنه لا حرمة على المالك في خراب ملكه ، الا أنه نسبه في الدروس إلى القيل ، مشعرا بتمريضه ، واحتمل المنع من النقض ، بل كأنه مال اليه ، قال : « ولو أسعفه فوضع قيل : جاز له الرجوع ، لأنه اعارة ، ويحتمل المنع من النقض ، للضرر الحاصل به ، فإنه يؤدى الى خراب ملك المستعير نعم يكون له الأجرة فيها بعد الرجوع ».
وفي المبسوط « لا رجوع حتى يخرب ، لأن البناء للتأبيد وللضرر ، ولو قلنا بالرجوع ففي غرمه الأرش وجهان ، من استناد التفريط الى المستعير ، ومن لحوق ضرره بفعل غيره ».
قلت : الأصل في هذه المسألة ما حكاه في التذكرة عن الشافعية ، ومحصله خمسة وجوه :
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٦٨.