نعم قد يتجه ما ذكره الشيخ من عدم جواز الرجوع باعتبار أن العارية المبنية على الدوام سببها ابتداء واستدامة انما هو الإذن الأولى التي لا يتصور فيها رجوع بعد صدورها ، بل يكون حينئذ الرجوع فيها كالرجوع بالإذن فيما مضى من العارية.
وهذا معنى قول الشيخ « لأن المراد الدوام والتأبيد » ومحصله أن عارية الدوام عرفا هكذا ، وقد شرعها الشارع بشرعه للعارية على هذا الوجه ، وهو معنا لا ينافي كون العارية من العقود الجائزة المعلوم ارادة ما كان استمرار الإذن فيها المقتضي للبقاء ، لا ما كان فيها علة الدوام والابتداء واحدة ، وهي الإذن الأولى التي لا يتصور فيها رجوع.
ولعل من ذلك العارية للدفن ، لا لأن النبش محرم فإن حرمة النبش لا تنافي جواز الرجوع المقتضي لتعين الأجرة حينئذ ، وكذا اعارة المكان للصلاة التي يحرم الابطال على الداخل بها. كما أن من ذلك يتجه حينئذ عدم انفساخها بالإغماء أو الجنون للمعير ، أو المستعير ، بل والموت وانتقال الدار الى وارث ، أو مشتر آخر ونحو ذلك الذي لا يخفى ما في دعوى التزام الانفساخ بذلك كله ، وخصوصا مع دعوى وجوب الأرش أو الأجرة حينئذ ، أو الإذن الجديدة من المعير ، فإن دعوى وجوب الأرش على المعير بانفساخ العارية بجنون المستعير مثلا ان لم يأذن جديدا مما لا يلتزمها من له أدنى رائحة في الفقه.
بل قد يقال : ان قاعدة الضرر وحرمة تضييع المال ونحو ذلك يقتضي لزوم العارية على المعير ، باعتبار أنه بإذنه في ذلك يترتب الخطاب الشرعي ، وهو حرمة الإضرار وحرمة تضييع المال ونحو ذلك ، مثل العارية للرهن الذي تعلق به حق الغير ، واندرج تحت ما دل على لزوم الرهن الذي لا يعارضه جواز الرجوع بالعارية من حيث نفسها إلا إذا قارنها أمر آخر خارج عنها ، وكالإذن بالدخول في الصلاة الذي يترتب عليه حرمة الإبطال فتأمل جيدا فإنه تحقيق وتدقيق.
ثم ان الأرش على تقدير وجوبه فهل هو نقص آلات الوضع بالهدم؟ أو تفاوت ما بين العامر والخراب؟ وجهان : ينشئان من كونه بهيئته حقا لبانيه ، فجبره بتفاوت