لكن في الدروس هل لصاحب الجدار منع المستند والمستظل إذا كان المجلس مباحا؟ الأقرب عدم المنع مع عدم الضرر ، ومنه يعلم حينئذ أن الجواز للإذن الشرعية ، لا المالكية المدلول عليها بشاهد الحال ، فلا فرق حينئذ بين ملكه لمولى عليه وغيره ، للسيرة المستمرة ، إلا أن الانصاف كون المتيقن منها حال عدم التصريح بالمنع ، لا مطلقا ، لأن الناس مسلطون على أموالهم وفرق واضح بين الاستناد ونحوه وبين الاستظلال ونحوه بالتصرف في مال الغير في الأول بخلاف الثاني.
اللهم إلا أن يقال إن في المنع عن ذلك ونحوه في الجدران المشتركة بين الاملاك وفي الطريق النافذة وغيرها عسرا وحرجا على أن الانتفاع بالفضاء المملوك مثلا لا يتم إلا بالمماسة للجدار والامتناع عن بعضه مقدمة ليس بأولى من سقوط حرمة مثل ذلك مقدمة ، جمعا بين الحقين ، ولقاعدة « لا ضرر ولا ضرار ».
نعم إنما يقتضي ذلك جواز المماسة لا الاستناد ، ولعله يمكن الفرق بينهما إن لم يكن سيرة تقتضي بجوازه حتى مع المنع ، هذا وفي المسالك وموضع الخلاف ما إذا كان المجلس للمستند ، وإلا لم يجز إجماعا ، وكان مراده ما سمعته من الدروس من اعتبار إباحته ، لا كونه ملكا له.
كما أن ذلك ربما يكون شاهدا لما ذكرناه ، وإلا فلا تلازم بين حرمة المجلس وحرمة الاستناد أو اللمس ، وكذا ما فيها أيضا من أنه لو بنى الشريك في ملكه جدارا متصلا بالجدار المشترك أو المختص بحيث لا يقع ثقله عليه جاز ، ولم يكن للآخر الاعتراض عليه ، ولو ألقى ثقله عليه لم يجز بدون إذنه ، فإنه أيضا مبني على ما ذكرنا.
نعم ليس له حك شيء من آلاته حجرا كانت أو آجرا أو لبنا ، ولا الكتابة عليه ولا غير ذلك ، وإن سلم من مظنة الضرر ، لقاعدة « حرمة التصرف في مال الغير » السالمة عن معارضته السيرة والعسر والحرج ، وما في الدروس ـ من تعليل حرمة ذلك بأنه تصرف في ملك الغير بما هو مظنة الضرر ، موهما اعتبار ذلك في الحرمة ـ في غير محله والأمر سهل.
ولو انهدم الجدار أو استرم لم يجبر شريكه على المشاركة في عمارته