نهاه المالك عنه ، ونحو ذلك مما عرفت ضمان العامل فيه ، وإن بقيت المضاربة ، بل ظاهر الأدلة كونه ضامنا للوضيعة التي تكون في ذلك ، بل صريح بعضهم أو ظاهره ضمانه بالثمن الذي يكون للشيء في البلد التي سافر عنها ، بل قد يقال : أو يقوى ضمانه الوضيعة المتجددة بعد التعدي. وبالسفر مثلا ، وإن تساوى السعر في البلدين على وجه لو بقي في البلد التي سافر عنها لحصلت تلك الوضيعة أيضا ، لإطلاق كونها على العامل مع مخالفته. نعم لو فرض كون الوضعية سابقا على سفره فتعدي وسافر وباع بما فيه تلك الوضيعة أمكن حينئذ عدم الضمان ، فتأمل.
وعلى كل حال فلا إشكال ولا خلاف في أن قوله أي العامل مقبول في التلف لأنه أمين وذو يد على المال باذن المالك ، من غير فرق عندنا بين دعواه التلف بأمر ظاهر يمكن إقامة البينة عليه أو خفي.
وهل يقبل في الرد؟ فيه تردد من كونه أمينا كالودعي ، ولما في عدم قبول قوله من التكليف بما لا يطاق ، لاحتمال صدقه ، فتكليفه ثانيا بذلك من ذلك ، أو التخليد بالسجن ، وهو المحكي عن الشيخ ، ومن أصالة عدم الرد ، فيكون المالك منكرا أظهره أنه لا يقبل بعموم قوله عليهالسلام (١) « البينة على المدعى » وقبول قوله في التلف مثلا لا يقتضي القبول في ذلك ، وليس في الأدلة ما يقتضي قبول قول الأمين في جميع ما يدعيه على وجه يشمل ما نحن فيه ، والقياس على الودعي غير جائز عندنا ، خصوصا بعد الفرق بينهما بالقبض هناك لمصلحة المالك خاصة ، بخلاف المقام الذي هو لمصلحتهما ، والتكليف برد المثل أو القيمة يرفع التكليف بما لا يطاق ، والتخليد بالسجن ، إذ الكلام هنا في القبول وعدمه من حيث الغرامة وعدمها ، لا من حيث خصوص العين وعدمها.
فمن الغريب ما في جامع المقاصد والمسالك من أنه إذا لم يقبل قوله في الرد لزمه تخليده في السجن لو أصر على إنكاره المحتمل الصدق ، وهم قد تحرجوا من لك في الغاصب حيث يدعى التلف ، فضلا عن المقام الذي هو أمين ، إلا أن يحمل على
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.