مما ذكر ، لأن العدالة عندهما ظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق ، أو حسن الظاهر ، وهما معا متحققان في غالب الناس إذ هو كما ترى.
نعم لهما الفرق بين الابتداء والاستدامة مع أنه ليس لهما أيضا ، للقطع بتحقق الرشد عرفا بدونها ، فلا يجوز منع مال الناس بأمثال هذه المزخرفات ، وبعض أفراد الفسق الذي يرتفع معها وصف الرشد ويثبت بها وصف السفه لا يقضي باعتبار العدالة في ماهية الرشد قطعا ، كما هو واضح وبالجملة الإطناب في ذلك كما وقع لبعضهم أيضا من تضييع العمر ، فيما لا ينبغي كالمسألة السابقة والله أعلم.
وكيف كان فـ ( إذا لم يجتمع الوصفان اى البلوغ والرشد ) كان الحجر باقيا بلا خلاف ولا إشكال وكذا لو لم يحصل الرشد ولو طعن في السن لإطلاق الأدلة خلافا لبعض العامة فأوجب دفع المال إليه إذا بلغ خمسة وعشرين سنة.
وعلى كل حال وأماما يعلم به رشده فهو أيضا بطرق لا تنحصر عرفا ومنها معرفته باختباره بما يلائمه من التصرفات ليعلم قوته على المكايسة في المبايعات ، وتحفظه من الانخداع ، وكذا تختبر الصبية وحينئذ فيعرف رشدها بأن تحفظ من التبذير ، وأن تعتني بالاستغزال مثلا ، وبالاستنتاج ، إن كانت من أهل ذلك أو بما يضاهيه من الحركات المناسبة لها ويأتي تمام الكلام في آخر المبحث إنشاء الله تعالى.
وكيف كان فـ ( يثبت الرشد بشهادة الرجال ) في الرجال إجماعا وبشهادة الرجال منفردين والنساء كذلك في النساء أو مع التلفيق بلا خلاف أجده فيه ، بل قيل : عليه الإجماع في كثير من العبارات ، وإن كنا لم نتحققه دفعا لمشقة الاقتصار على الرجال فيهن وغيره فيندرج فيما دل على نفيهما من الآية والرواية.
بل قد يندرج فيما دل على قبول شهادتهن فيما يعسر اطلاع الرجال عليه من النصوص ، وإن كان لا يخلو من بحث لو لا الاعتضاد باتفاق الأصحاب ، ظاهرا عليه ، فظهر حينئذ عدم الإشكال في الحكم بجميع أفراده والخناثى كالنساء على الظاهر.
إنما الكلام في اعتبار قيام بينة الرشد عند الحاكم وحكمه بها في الثبوت ، أو يكفي قيامها بعد معلومية جمعها للشرائط من العدالة ونحوها عند من في يده المال ،