يتحقق عرفا بدونه ، كما هو واضح بأدنى تأمل. وبالجملة إطالة الكلام في تحقق مصداق الرشد في المال مع وفاء العرف به تضييع للعمر فيما لا ينبغي.
وأولى من ذلك البحث في أنه هل يعتبر فيه العدالة أولا حتى قال المصنف فيه تردد بل وخلاف فعن الشيخ ، والراوندي ، وأبي المكارم ، وفخر الإسلام ، اعتبارها ، بل عن الغنية الإجماع عليه ، والمشهور نقلا وتحصيلا ـ بل في المسالك ومحكي التذكرة نسبته إلى أكثر أهل العلم ـ العدم ، إذ لا ريب في صدق العرف بدونها ، ولو كانت معتبرة في الابتداء لاعتبرت في الاستدامة ، وهو معلوم الفساد بالسيرة القطعية في معاملة المخالفين ، وأهل الذمة والفسقة وغير هم.
ومن هنا حكي عن التذكرة الإجماع على عدم التحجير بطرو الفسق الذي لم يستلزم تبذيرا ، وعلى عدم مدخلية ترك المروة ككشف الرأس ومد الرجل وأشباه ذلك في العدالة على تقدير اعتبارها في دفع المال.
قلت : بل يمكن دعوى كونه ضروريا يشك في إسلام منكره ، وقد صرح الأصحاب بجواز بيع الخشب لمن يعمل الأصنام ، والتمر والزبيب لمن يصنع الخمر.
فمن الغريب النقل عن الشيخ في الخلاف ، والمبسوط ، وابن زهره التزام ذلك بل هو في المبسوط لم يجعل ذلك احتياطا ، كالمحكي عن الخلاف ، والغنية المستظهر من الاحتياط فيهما الوجوب دون الندب ، مع أن الإنكار عليهما في الاحتياط لو أريد منه الاستحباب واضح ، فضلا عما لو لم يكن احتياطا.
وأغرب من ذلك استدلالهما عليه بقوله (١) ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ) بضميمة ما روي عنهم (٢) « من أن شارب الخمر سفيه » وبأن الفاسق موصوف بالغي الذي هو ضد الرشد المعتبر في المال ولان المتيقن العدل دون غيره ، ونحو ذلك مما لا يليق بالفقيه جعل شيء منها مدركا للحكم الشرعي كما هو واضح.
وأطرف من ذلك كله القول بأنه لا يرد عليهما على تقدير قولهما بذلك شيء
__________________
(١) سورة النساء الآية ـ ٥ ـ.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٨.