فالإنصاف أنّ الصغرى لهاتين الكبريين ـ أي النفل الأصلي الذي طرأ عليه الفرض ، أو بالعكس ـ إمّا لا توجد أو في غاية القلّة ، فهذا البحث ـ أي أنّ موضوع هذا الحكم هل هو اجتماع الأمرين أي يكون نفلا ذاتا وبالفعل ، أو يكفي كونها ذاتا وان لم يكن بالفعل ، أو يكفي كونها نفلا بالفعل وإن لم يكن كذلك ذاتا ـ قليل الجدوى أو لا جدوى فيه أصلا.
الرابع : الظاهر أنّ هذا الحكم ـ أي عدم الاعتناء بالشكّ وإلغائه في النافلة ـ فيما إذا كان في عدد الركعات ، لا فيما إذا تعلّق الشكّ بأفعال الصلاة ، فلو شكّ في أنّه كبّر تكبيرة الافتتاح ، أو قرأ فاتحة الكتاب ، أو ركع ، أو سجد ، أو تشهّد ، أو سلّم أو لا فحال النافلة من هذه الجهة حال الفريضة ، فإذا كان شكّه قبل تجاوز المحلّ يأتي به ، لأصالة عدم الإتيان به. وإذا كان بعد تجاوز المحلّ فيمضي ، لقاعدة التجاوز.
وذلك من جهة أنّ المراد بالسهو في قوله عليهالسلام : « ليس في النافلة سهو » هو خصوص الشكّ ، من جهة وحدة السياق مع سائر الفقرات التي في الرواية. والرفع تعبدي ، لأنّ الرفع التكويني أوّلا ليس من وظيفة الشارع في عالم التشريع ، وثانيا رفع التكويني يحتاج إلى أسباب تكوينيّة ولا يتحقّق بصرف النفي ، كما أنّه لم يتحقّق وموجود كثيرا ، والرفع التشريعي مرجعه إلى رفع الآثار الشرعيّة التي للشيء.
والآثار الشرعيّة للشك المجعولة له من قبل الشارع هو البطلان لو كان الشكّ في الثنائيّة أو الثلاثيّة ، أو كان في الرباعيّة ولكن في الأوليين قبل إكمال السجدتين ، أو البناء على الأكثر لو كان في الرباعيّة بعد إكمال السجدتين من الركعة الثانيّة منها ، وكلا الأمرين في الشكّ في عدد الركعات ولا ربط لهما بالشكّ في أفعال الصلاة ، ولم يجعل الشارع للشكّ في أفعال الصلاة إذا كان الشكّ في المحلّ حكم كي يرفع بقوله « ليس في النافلة سهو » بل وجوب إتيانه لأصالة العدم ، ولو لم تكن أصالة العدم لكان وجوب الإتيان بمقتضى قاعدة الشغل.