الداخلية ـ صحيح ابن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : قلت له : رجل مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت هو رجل عاقل؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « وأيّ عقل له وهو يطيع الشيطان؟ » فقلت له : وكيف يطيع الشيطان؟ فقال عليهالسلام : « سله هذا الذي يأتيه من أيّ شيء هو؟ فإنّه يقول لك : من عمل الشيطان » (١).
والظاهر أنّ قول القائل « رجل مبتلى بالوضوء » أي كثير الشكّ وشبيه بالوسواسي ، فقول الإمام عليهالسلام : « إنّه يطيع الشيطان » تعليل لعدم عقله بالاعتناء بشكّه وسمّاه بإطاعة الشيطان ، فهو عليهالسلام يشنع عليه الاعتناء بشكّه وترتيب الأثر عليه ، فيستفاد لزوم عدم الاعتناء بشكّه ، مع أنّه في الوضوء وهو من مقدّمات الخارجيّة للصلاة لا نفس الصلاة ، فالحكم بعدم الاعتناء بالشكّ إذا كان كثير الشكّ ليس مختصّا بالصلاة وأجزائها ومقدّماتها الداخليّة.
وفيه : أيضا أنّ هذا التعليل من قبيل حكمة التشريع ، فلا يكون مطّردا اطرّاد العلّة.
[ الوجه ] الثالث : الإجماع على جريان حكم كثير الشكّ أي عدم الاعتناء بشكّه في الوضوء.
وفيه : أوّلا : عدم تسليم اتّفاق الكلّ. وثانيا : لو كان فليس هو الإجماع المصطلح الذي قلنا بحجيته في الأصول ، لأنّ المظنون استناد المتفقين إلى الوجوه المذكورة فلا أثر لهذا الاتّفاق ، ولا بدّ من الرجوع إلى نفس المدارك ، وقد عرفت حالها فلا نعيد.
فظهر أنّ جريان هذه القاعدة في غير الصلاة في غاية الإشكال ، لورود الروايات في مورد الصلاة فقوله عليهالسلام : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك » لا يشمل غير الصلاة وأجزاء وشرائطها الداخليّة ، كالقبلة والستر والطمأنينة وأمثال ذلك.
وأمّا المقدّمات الخارجيّة كالطهارات الثلاث ، فشمول القاعدة لها ـ مع أنّ موارد
__________________
(١) « الكافي » ج ١ ، ص ١٢ ، كتاب العقل والجهل ، ح ١٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١ ، ص ٤٦ ، أبواب مقدمة العبادات ، باب ١٠ ، ح ٩.