ثبوت موضوع الحرمة ، فإذا ثبت بالعلم أو الذي كالعلم في الأماريّة ـ أي البيّنة ـ فيرتفع الحلّية والإباحة.
ثمَّ إنّه بعد هذا الاستظهار من الرواية ـ وأنّها تدلّ على أماريّة البيّنة لإثبات الموضوعات مثل العلم ـ فلا يبقي مجال لأن يقال غاية ما تدلّ الرواية هي حجّية البيّنة لإثبات الحرمة ، لا مطلق الأحكام الجزئية وموضوعاتها ، فالدليل يكون أخصّ من المدّعى ، لأنّ المدّعي حجّيتها لإثبات جميع موضوعات الأحكام ، وضعية كانت أم تكليفيّة ، والتكليفية حرمة كانت أو غيرها ، ومفاد الدليل هو حجّيتها في خصوص إثبات الحرمة ، لا سائر الأحكام ولا الموضوعات مطلقا.
وذلك من جهة أنّ هذه الموضوعات التي يعدّها عليهالسلام في الرواية ـ من كون المال سرقة ، أو كون المملوك حرّا قهر عليه ، أو خدع فبيع ، أو كون المرأة التي تحته أخته أو رضيعته ـ جعلها فيما إذا كانت مشكوكة موارد لقاعدة الحلّ إلاّ فيما إذا استبان أحد هذه الأمور ، أو قامت عليه البيّنة ، فكما أنّه لو علم بوجود أحد هذه الأمور يترتّب عليه جميع أحكامه لا خصوص الحرمة ، فكذلك في صورة قيام البيّنة.
والمشار إليه لكلمة « على ذلك » في قوله عليهالسلام : « الأشياء كلّها على ذلك » وإن كان هي الحلّية ، لكن موضوع الحلّية في هذه الجملة وهو « الأشياء » عبارة عنها مع الشكّ في حكمها من ناحية الشكّ في موضوع الحرمة بعد الفراغ عن معلوميّة حكم الموضوعات من ناحية الشبهة الحكميّة.
فيكون المراد من الاستثناء بقوله عليهالسلام « حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة » استبانة الموضوع وأنّه ممّا هو محرّم كالسرقة ، وكون المملوك حرا ، وكون المرأة أخته أو رضيعته وغير ذلك من الموضوعات المحرّمة.
وكذلك الأمر في قيام البيّنة ، أي الموضوعات المشكوكة أنّها من الموضوعات المحلّلة أو من الموضوعات المحرّمة ، فهي حلال إلاّ أن يثبت كونها من الموضوعات