فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ تعدّد السبب والشرط ـ في القضايا الشرطيّة وإن اتّحد الجزاء ، سواء كانت تلك الأسباب والشروط من سنخ واحد أو من أسناخ متعدّدة ـ ظاهر في أنّ كلّ فرد من أفراد السبب والشرط له تأثير مستقلّ في الجزاء إذا كان الجزاء قابلا للتكرار ، ولم يكن دليل على أنّ جزاء واحدا يكفي للجميع ، أي لم يكن دليل على تداخل المسبّبات.
ويكون هذا الظهور قرينة على عدم إرادة صرف الوجود من الجزاء في القضيّتين كي لا يكون قابلا للتكرار.
ولا فرق في هذا الأمر بين أن تكون القضيّتان اللتان جزاؤهما واحد بصورة القضيّة الشرطيّة ، أو كانتا بصورة القضيّة الحمليّة مع تقييد موضوع إحدى القضيّتين بقيد أو وصف دون الأخرى ، أو كانت قضيّة واحدة حمليّة ولكن تكرّر وجود أفراد موضوعها ، كما إذا قال : من جامع أهله في نهار رمضان متعمّدا من غير عذر فعليه عتق رقبة ، ثمَّ تكرّر منه الجماع في يوم واحد.
فظهر أنّ مقتضى الأصل ـ أي الأدلّة اللفظيّة ـ عدم تداخل الأسباب.
وأمّا تداخل المسبّبات فأيضا مقتضى الأصل اللفظي عدمه ، فيكون مقتضى الأصل تعدّد المسبّب بتعدّد السبب ، وذلك من جهة أنّه بعد ما عرفت أنّ الأصل عدم تداخل الأسباب وأنّ كلّ سبب يؤثّر في مسبّب مختصّ به غير المسبّب عن السبب الآخر.
وإن شئت قلت : إنّ الموضوع لكلّ واحد من الحكمين في الجزائين في القضيّتين الشرطيّتين غير ما هو الموضوع في الأخرى بواسطة تعدّد السبب أو الشرط ، بل يتعدّد الموضوع بواسطة القيد والوصف وإن كانت القضيّة حمليّة فيكون تعدّد السبب أو الشرط أو تعدّد الموضوع بناء على هذا الأخير قرينة على عدم إرادة صرف الوجود في طرف الجزاء.