الإيجادات حنث ، ولا يصدق عليها صرف الوجود الذي تركه متعلّق نذره.
وأيضا على هذا الأساس قلنا : إنّ النواهي على قسمين :
أحدهما : أن يكون متعلّق النهي هي الطبيعة السارية ، فيكون النهي انحلاليّا ، ينحلّ إلى قضايا متعدّدة حسب تعدّد الأفراد ، ولكلّ قضيّة من تلك القضايا إطاعة مستقلّة وعصيان مستقلّ مثل : لا تشرب الخمر ، وأغلب النواهي بل جميعها ـ إلاّ ما شذّ وندر ـ من هذا القبيل.
ولا فرق في كون أغلب النواهي انحلاليّا بين أن يكون لمتعلّقاتها التي هي أفعال المكلّفين مساس وتعلّق بالموضوع الخارجي ، مثل : لا تشرب الخمر ، ولا تغتب المؤمن ، وبين أن لا يكون لها ذلك مثل : لا تكذب.
ثانيهما : أن يكون متعلّقه صرف الوجود ، كقوله : لا تشرب ماء الدجلة ، بناء على أن يكون الأثر المبغوض لصرف وجوده ، وهذا الذي ذكرنا من كون موضوع وجوب الكفّارة في وطئ الحائض صرف الوجود من طبيعة وطئها إنّما هو كان في مقام إمكان أن يكون كذلك في عالم الثبوت ، فلا ينافي مقام الإثبات استظهار أنّ الموضوع للكفّارة هي الطبيعة السارية لوطء الحائض.
فما رواه في الاستبصار بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدّق به » (١) فإنّه ظاهر في الانحلال ، وأنّ وجود طبيعة وطي الحائض ـ أيّ وجود كان ، سواء كان الأوّل أو غيره ـ سبب لوجوب الكفّارة.
وما في فقه مولانا الرضا عليهالسلام أوضح وأصرح في أنّ الطبيعة في ضمن أي وجود منها كانت تكون سببا للكفّارة ، وهو قوله عليهالسلام « ومتى جامعتها وهي حائض فعليك
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ١٦٣ ، ح ٤٦٧ ، باب حكم الحيض والاستحاضة والنفاس ، ح ٤٠ ، « الاستبصار » ج ١ ، ص ١٣٣ ، ح ٤٥٦ ، باب ما يجب على وطى امرأة حائضا ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ٢ ، ص ٥٧٥ ، أبواب الحيض ، باب ٢٨ ، ح ٤.