محال لا يجوز على الله عزّ وجلّ ، لأنّ الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عزّ وجلّ. وقال آخرون بل الله عزّ وجلّ أقدر الأئمّة على ذلك وفوّض إليهم فخلقوا ورزقوا. وتنازعوا في ذلك تنازعا شديدا. فقال قائل : ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألونه عن ذلك ليوضح لكم الحقّ فيه ، فإنه الطريق إلى صاحب الأمر ، فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلّمت وأجابت إلى قوله ، فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه ، فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته : إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسّم الأرزاق ، لأنّه ليس بجسم ولا حالّ في جسم ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. فأمّا الأئمة عليهمالسلام فإنّهم يسألون الله تعالى فيخلق ، ويسألونه فيرزق ، إيجابا لمسألتهم ، وإعظاما لحقّهم (١).
وفيه عن الصدوق في الاعتقادات : وروي عن زرارة أنّه قال : قلت للصادق عليهالسلام : إنّ رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض ، فقال : وما التفويض؟ قلت : إن الله تبارك وتعالى خلق محمّدا وعليّا صلوات الله عليهما ففوّض إليهما فخلقا ورزقا ، وأماتا وأحييا ، فقال عليهالسلام : كذب عدوّ الله ، إذا انصرفت إليه فاتل عليه هذه الآية التي في سورة الرعد : ( أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ) (٢) ، فانصرفت إلى الرجل ، فأخبرته ، فكأنّي ألقمته حجرا ، أو قال : فكأنّما خرس (٣).
نعم ، مقتضى الروايات الصادرة عنهم صلوات الله عليهم أنّ الله تعالى أقدرهم على ما يريدون وسخّر لهم كلّ شيء. منها ما عن تفسير القميّ في سورة القمر أنّ جبرئيل قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : يا محمّد! إنّ الله يقرئك السلام ويقول لك : إنّي قد أمرت كل شيء بطاعتك (٤).
وعن البصائر بسنده عن جابر عن الباقر صلوات الله عليه ـ في حديث ـ : إنّ الله
__________________
(١) البحار ٢٥ : ٣٢٩.
(٢) الرعد ١٦.
(٣) البحار ٢٥ : ٣٤٣.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٤١ ، البحار ١٧ : ٣٥٢.