فيهما بعدم تعلق القدرة بالمحال ـ كما صرّح به أمير المؤمنين عليهالسلام في الرواية المتقدمة وبيّنه الإمام الصادق عليهالسلام لعمر بن أذينة ـ لعلّه إمّا لكون السائل معاندا ، فيتشبّث بقوله : الذي سألتني لا يكون لإثبات قصور القدرة وعجزه تعالى ، أو لكونه قاصر الفهم فيتوهم ذلك من كلام الإمام عليهالسلام.
تنبيه
القدرة بالمعني المذكور كمال وجودي نجده في بعض الأحيان بالنسبة إلى بعض الأفعال ، ولا بدّ من إثباتها بلا حدّ في الحق المتعالي بالنسبة إلى جميع الأفعال ، كما هو المصرح به في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، في مقابل الاضطرار إلى أحد طرفي الفعل والترك الذي هو نقص وعجز ومحدودية ، يجب عقلا تنزّهه تعالى عنه.
هنا وهم لا بدّ من التعرض له والجواب عنه ، وهو أن القدرة بالمعنى المذكور مما لا يمكن الالتزام به لا في الخالق ولا في المخلوق ، فإنّه ما لم يكن لأحد طرفي فعل الشيء وتركه مرجّح يكون ترجيحه على الطرف الآخر ترجيحا بلا مرجّح ، وهو محال ، ووجه استحالته أنّ الشيء الذي يريد أن يفعله الفاعل ولم يفعله بعد ، نسبته إلى طرفي الفعل والترك سيّان ، فإن كان لأحدهما مرجّح فيه تتمّ فاعلية الفاعل فيقع لا محالة ، وإلا لم يمكن وجوده ، لعدم تمامية العلة ، فيكون وجوده مع عدم تمامية العلة من قبيل وجود المعلول بلا علّة.
توضيحه : أنّ مقتضى تعريف القادر بأنّ الذي له السلطنة على طرفي الفعل والترك ، إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، تعليق الفعل على المشيئة ، والمشيئة إن كانت حادثة فلا بدّ لها ـ كما في سائر الحوادث ـ من العلة ، ولا بدّ للعلة من كونها أمرا ذاتيا أزليا أو منتهيا إليه ، وإلا لزم التسلسل. ولذا جعل بعضهم المشيئة في الله تعالى العلم بالأصلح ، وفي المخلوق الشوق الأكيد المنتهية علله إلى مشيئة الله الأزلية ، بل قال إنّ نسبة فعل كل