وقوله تعالى : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) (١).
وقوله تعالى : ( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ) (٢).
وفي الحقيقة جميع هذه الآيات المشيرة إلى المعاد وأحوال العباد في النشأة الثانية ، دالّة على تجرّد النفس لاستحالة إعادة المعدوم ، وانتقال العرض وما في حكمه من القوى المنطبعة.
وأمّا الأحاديث النبويّة فمثل قوله صلىاللهعليهوآله : من عرف نفسه فقد عرف ربّه (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآله : أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه. وقوله : من رآني فقد رأى الحق. وقوله : أنا النذير العريان (٤). وقوله : لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبيّ مرسل.
وقوله : أبيت عند ربّي يطعمني ويسقيني.
فهذه الأخبار وأمثالها تدلّ على شرف النفس وقربها من الباري إذا كملت ، وكذا قوله : ربّ أرني الأشياء كما هي. ومعلوم أنّ دعاء النبي صلىاللهعليهوآله مستجاب ، والعلم بالأشياء ذوات السبب كما هي لا يحصل إلاّ من جهة العلم بسببها وجاعلها ، كما برهن في مقامه ، والمراد بالرؤية هو العلم الشهودي.
وكذلك دعاء إبراهيم الخليل عليهالسلام كما حكى الله عنه في قوله : ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ) (٥). ورؤية الفعل لا تنفكّ عن رؤية الفاعل ، وليس في حد الجسم ومشاعره أن يرى ربّ الأرباب ومسبّب الأسباب.
وقوله صلىاللهعليهوآله : قلب المؤمن عرش الله (٦).
وقوله : قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن (٧).
ومعلوم أن ليس المراد هذا اللحم الصنوبري ، ولا أيضا إصبع الله جارحة جسمانية ،
__________________
(١) التين ٤.
(٢) الفجر ٢٧.
(٣) البحار ٢ : ٣٢ عن مصباح الشريعة ، غرر الحكم ٢ : ٦٢٥.
(٤) صحيح مسلم ٤ : ١٧٨٨.
(٥) البقرة ٢٦٠.
(٦) في البحار ٥٨ : ٣٩ : روي أنّ قلب المؤمن عرش الرحمن.
(٧) في البحار ٧٥ : ٤٨ عن العلل : ... فإنّ القلوب بين إصبعين من أصابع الله ...