بالأمر ، فجعله قائما بالعلم ، دائما في الملكوت (١).
ففي هذه الروايات عرّفوا العقل بأنّه من نور ، وأنّه نور ، وأنّ مثله في القلب كمثل السراج في وسط البيت. وأنّه خلق من العلم ، وأنّه قائم بالعلم ، وأنّ منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم. ثم عرّفوا العلم بأنّه نور ، كما في رواية عنوان البصري : ليس العلم بالتعلّم ، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه (٢).
وستأتي روايات أخرى تدلّ على ذلك.
ويظهر منها أنّ : العقل ـ وكذلك العلم ـ حقيقة نوريّة مغايرة للقلب ولحقيقة النفس الإنسانيّة المشار إليها بلفظة « أنا » ، لما مرّ من أنّ صيرورة الإنسان عالما وعاقلا إنّما هي بوجدانه لهذه الحقيقة النوريّة ، بما له ( أي للوجدان ) من المراتب ، من دون تداخل بينه وبينها في حقيقتهما.
قد مرّ آنفا في بعض الروايات أنّ العقل خلق من العلم ، فينبغي التذكير بهذه الحقيقة ( أي العلم ) ، فنقول :
حيث إنّ العلم هو الكاشف والمظهر ، ولا كاشف ولا مظهر في المخلوقات سواه فلا محالة أن يكون هو المظهر لغيره ولنفسه أيضا.
كما عن صحيفة إدريس : بالحقّ عرف الحقّ ، وبالنور اهتدي إلى النور ، وبالشمس ابصرت الشمس ، وبضوء النار رئيت النار (٣).
ويقرب منه التعريف المشهور للنور بأنه الظاهر بنفسه المظهر لغيره.
فنقول :
إنّ الإنسان إذا توجّه إلى نفسه يجد أنّ له الشعور بها وبكونها وتحقّقها ، وإذا توجّه
__________________
(١) البحار ١ : ٩٨ ، عن الاختصاص.
(٢) البحار ١ : ٢٢٥ ، عن الشيخ البهائيّ.
(٣) البحار ٩٥ : ٤٦٦ ، عن نسخة وجدها ابن متّويه.