لا يعتمدون هم أنفسهم عليها ، ويعرضونها على البرهان بزعمهم ، ولذا لا حجّية لها بوجه من الوجوه ، والاعتناء بها من تسويلات الشيطان.
استشكل في القول بأخذ الميثاق عن البشر في عالم الذرّ بوجوه ، مرجع بعضها إلى استحالة عالم الذرّ عقلا ، وبعضها الآخر إلى نفي الدليل على إثباته.
أمّا الأول فمنها : أنّ أخذ الميثاق لا يتمّ إلاّ بكون المأخوذ عليهم الميثاق أولي تمييز وعقل ، ولو كانوا كذلك لذكروه ، لا سيما مع عظم الموقف ، كما أنّ أهل القيامة يذكرون مواقفهم في الدنيا ـ كما دلّت عليه بعض الآيات المباركات ـ مع أنّ العهد فيها أطول منه هناك.
وفيه : أنّه لا دليل على امتناع النسيان هناك ( والله على كلّ شيء قدير ) ، وفي رواية زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام : فأنساهم المعاينة (١) ، وفي روايات عنه عن أبي جعفر عليهالسلام : ونسوا الموقف ( وفي نسخة : الوقت ) (٢) ، وأنساهم رؤيته (٣) ، وأنسوا ذلك الميثاق وسيذكرونه بعد (٤).
وتدلّ عليه أيضا رواية الحسن بن الجهم ، ورواية أبي هاشم الجعفري المتقدمتان (٥) ، ورواية ابن مسكان (٦).
وكما أنّ الإنسان لا يتذكّر في نومه ـ مع أنّه حيّ يرى الرؤيا ـ شيئا من العالم الذي كان فيه طول عمره ، فلا مانع عقلا من أن يكون الأمر هنا كذلك.
ومنها : أن فائدة أخذ الميثاق إتمام الحجة ، كما دلّت عليه الآية الشريفة والروايات
__________________
(١) البحار ٥ : ٢٢٣ ، عن المحاسن.
(٢) البحار ٥ : ٢٤٣ ، عن علل الشرائع.
(٣) البحار ٥ : ٢٥٤ ، عن تفسير العيّاشيّ.
(٤) البحار ٥ : ٢٥٧ ، عن تفسير العيّاشيّ.
(٥) راجع ص ١١٥ ، ١١٦.
(٦) البحار ٥ : ٢٣٧.