الجنّة والآخر النار؟!
هل يعاد مع روح أحدهما خصوص جزء لم يكن جزء البدن الآخر؟ وهذا لا يكفي للترجيح المذكور ، مع أنّ الجزء الآخر أيضا جزء من بدنهما ووقعت الطاعة والعصيان بكلا الجزءين منهما.
أو يعاد كلّ واحد من البدنين مع تعلق كلّ من الروحين بكل واحد منهما ، ويلزم منه كون كلّ شخص منهما شخصين ، وهذا لا يمكن الالتزام به جدا.
ويلزم أيضا من تعلق كلّ واحدة من الروحين ببدن الآخر التناسخ المجمع على بطلانه. وعلى كلّ حال ، كيف تكون مجازاتهما بدخول الجنة أو النار ، كما ذكرنا؟
وهذا أحد أدلّة المنكرين للمعاد الجسماني ، وهم الملاحدة ، أو المؤوّلين له بأنّ المراد من الجسم هو الصورة الجسميّة الخالية عن المادّة ( بتوهم صحّة القول بأنّ السرير سرير بصورته لا بخشبه ، مع وضوح بطلانه بأنّ السرير سرير بكلا الأمرين ، بل المادّة وهو الخشب عمدتها ).
ويمكن دفع الشبهة بأنّ المراد بالإعادة إعادة كلّ فرد من الإنسان في القيامة بروحه وبدنه الذي شخصيّته في الدنيا به ، وبه أطاع الله أو عصاه طول عمره ، وهو البدن الواحد بالوحدة الشخصيّة الباقي من أوّل خلقته إلى آخر عمره في الدنيا أو البرزخ والقيامة ، لا الأجزاء الحاصلة بالتغذية.
وحيث إنّ لكلّ روح بدنا خصّه الله تعالى بها فلا محالة يكون ذلك البدن محفوظا من أن يصير بدنا أصليّا لروح أخرى.
ومنه يظهر الجواب عن الإشكال بأنّ البدن الأصلي الصغير غاية الصغر ربما يصير جزء من نطفة تخرج من الآكل ويتشكّل منها ولده ، فيلزم ما ذكر من المحذورات.
ويدفع بأنّ الله تعالى قادر على أن يحفظه من أن يصير جزء من نطفة إنسان آخر ، بل من أن تصير من الأجزاء الفضليّة أيضا.
وبالجملة : الذي يتحقّق به إعادة الأبدان للجزاء في القيامة ـ التي دلّت عليها ضرورة الأديان ـ هو إعادة الأجزاء الأصليّة الباقية من أوّل خلقتها إلى آخرها ، المحفوظ