وعن إسماعيل بن الفضل قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام عن الله تبارك وتعالى ، هل يرى في المعاد؟ فقال : سبحان الله وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، يا ابن الفضل ، إنّ الأبصار لا تدرك إلاّ ما له لون وكيفيّة ، والله خالق الألوان والكيفيّة (١).
طريق معرفة الأمرين كليهما هي الآيات التكوينية ( وهي جميع الأمور المحسوسة بالحواسّ الظاهرة والباطنة ) ، والنظر إليها بنور العلم والعقل ، والتفكّر فيها بهما.
فنقول لتوضيح الأمر الأوّل : إنّ العاقل يظهر له بعد التفكّر مطلبان :
المطلب الأوّل : أنّ جميع الاشياء المحسوسة بالحواس الظاهرة حقائق مصنوعة مخلوقة محدثة ، كما يشهد عليه اجتماع جميع أوصاف المصنوع المخلوق الذي شاهد صنعه وخلقه وإحداثه منه ومن غيره فيها ، كما يشير إليه ما نقل عن الإمام الصادق صلوات الله عليه في كلامه لابن أبي العوجاء : أمصنوع أنت أو غير مصنوع؟ فقال : بل أنا غير مصنوع ، فقال له : فصف لي : لو كنت مصنوعا كيف كنت تكون؟ فبقي مليّا لا يحير جوابا ، وولع بخشبة بين يديه وهو يقول : طويل ، عريض ، عميق ، قصير ، متحرّك ، ساكن ، كلّ ذلك صفة خلقة. (٢)
وصدع به الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله في احتجاجه على الدهرية ، فراجعه جميعه إلى قوله : فإذا كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوامه (٣) وتمامه هو القديم ، فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون؟ وما ذا كانت تكون صفته؟ فصمتوا وعلموا أنّهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلاّ وهي موجودة في هذا الذي زعموا أنّه قديم (٤).
ومقتضى الجملة المعروفة : حكم الأمثال في ما يجوز وفي ما لا يجوز واحد ، هو مصنوعيّة جميعها.
__________________
(١) البحار ٤ : ٣١ ، عن أمالي الصدوق.
(٢) البحار ٣ : ٤٦ ، عن التوحيد.
(٣) كما في المصدر ، وفي البحار : لقوّته.
(٤) البحار ٩ : ٢٦٢ ، عن تفسير الإمام ، والاحتجاج.