( كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ ) (١).
( وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ ) (٢).
( إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ) (٣).
تذكرة
خطاء العاقل لا ينافي عموم حجّيّة العقل ، لأنّه وإن كان عاقلا إلاّ أنّه كثيرا ما يغلب عليه الهوى وسائر الغرائز ، فيعمل أو يحكم على طبقها لا على طبق حكم العقل ، وربما يعمل أو يحكم على طبق الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئا ، بل على طبق القطع الذي ليس إلاّ حالة نفسانيّة قد تخالف الواقع ، كما يعبّر عنه بالجهل المركّب ، فليس الحكم الناشئ عن إحدى هذه الحالات حكم العقل ، وإن كان صادرا من العاقل.
تنبيه
عموم حجيّة العقل الثابت بحكم الكتاب والسنّة من أحد الأدلّة على أنّ عقل العاقل ـ ولو كان في حال كونه عاقلا ـ خارج عن حقيقة الإنسان الذي من طبعه الخطاء ولو في حال كونه عاقلا ، فتدبّر.
قد مرّ أنّ حقيقة العقل هي حقيقة العلم والنور الحقيقيّ الكاشف للحقائق ، والفرق إنّما هو في المتعلّق ، بمعنى أنّ متعلّق العلم إن كان هو الحسن والقبح الذاتيّين لماهيّة الأفعال والخصال ـ ولو مع الإجمال في درجتهما ـ يعبّر عنه بالعقل.
والمراد بالذاتيّ ما لا ينفكّ عن الشيء ولا يعلّل بشيء ، ولا يختصّ حسنه أو قبحه
__________________
(١) عبس ١١.
(٢) الأنبياء ٥٠.
(٣) التكوير ٢٧.