بزمان دون زمان ، أو عند طائفة دون طائفة ، كحكم العقل بحسن الإحسان وقبح الظلم وسائر محاسن الأخلاق ومساويها ، في الحسن والقبح الفعليّين ، وكحكمه بوجوب الإيمان والتصديق بما ثبت أنّه من الله ومن حججه ، وبوجوب الطاعة والانقياد وحرمة المعصية والتجرّي عند القطع التفصيلي وما يقوم مقامه بالحكم الفعلي الصادر من الله ومن حججه ، وبوجوب الاحتياط أو استحبابه في الشبهات الحكميّة أو الموضوعيّة البدويّة أو المقرونة بالعلم الإجماليّ ، الراجعة إلى الحسن أو القبح الفاعليّ ، وكحكمه بحجيّة الطرق العقلائيّة شرعا أيضا إذا جرى الشارع على طبقها وعمل بها أو لم يردع عنها مع عموم البلوى بها ، كخبر الثقة الذي هو طريق عند العقلاء مع الشرائط المذكورة ، وإلاّ لزم نسبة القبيح إليه ، وغير ذلك مما هو مقرّر في أصول الدين والفقه.
وبالجملة : لا ينفك حكم من الأحكام الشرعيّة : التكليفيّة والوضعيّة ، والقلبيّة والقالبيّة عن حكم من الأحكام العقليّة.
ويعبّر عنه بالحكم لأنّ كشف الحسن والقبح أو الوجوب والحرمة وسائر الوظائف العقليّة باعث ومحرّك للعاقل نحو العمل ، كالحكم الصادر من المولى ، وإلاّ فليس من شأن العقل إلاّ الكشف.
تنبيه
كشف الامور وإن كان بالعلم والعقل ، إلاّ أنّ العادة ـ أي سنّة الله تعالى ـ جرت على حصول ذلك لنا بالأسباب ، ومنها التعليم الذي حقيقته التذكير والهداية إليها بنور العلم والعقل ، كما هو ظاهر الآيات المباركات ، وهو من أهمّ وظائف الأنبياء ، كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : بالتعليم أرسلت (١).
وعنه صلىاللهعليهوآله : بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق (٢).
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام في علّة بعث الأنبياء : ليستأدوهم ميثاق فطرته ،
__________________
(١) منية المريد ٢٦ ، وعنه البحار ١ : ٢٠٦.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٣٣٣ ، وعنه البحار ١٦ : ٢١٠.