تنبيه
ليس فعله تعالى وفاعليته بالرشح والفيضان من ذاته القدوس ، ولا بالتطوّر والتشؤّن ذاتا المسمّى اصطلاحا بالتجلّي الذاتيّ ، فإنّهما من التغيّر المنفي عنه تعالى عقلا ، كما نبّه عليه ثامن الأئمّة صلوات الله عليه بقوله : ... لا يتغير الله بانغيار المخلوق ... (١).
مضافا إلى أن الأوّل منهما من الولادة المنفيّة عنه عقلا.
ما ورد من نسبة التجلّي إليه تعالى في القرآن الكريم (٢) ، وكلمات المعصومين (٣) ليس بمعنى تجلي الوجود المطلق ذاتا بمفهوم الأسماء والصفات ، كالعالم والقادر ونحوهما ، أو تجليه بالوجودات المقيدة خارجا ، كما زعموا ، فإنّ التجلي على أنحاء : الأوّل : تجلّى الشيء وظهوره حسّا بعد خفائه ، كتجلّي الشمس أي ظهورها من الافق.
الثاني : تجلّي العلة بمعلولها الذي يتولد ويترشح منها ، كتجلي الشمس بنورها المنتشر في الفضاء وعلى وجه الأرض.
الثالث : تجلي الحقيقة الواحدة بأطوارها ، كتجلي الماء تارة بصورة البحار ، وأخرى بصورة الموج ونحو ذلك. وكتجلي مادّة عالم الأجسام بما لها من الخصوصيات التي جعل الله فيها بصورة الأصناف المخلوقة منها. وربّما يمثّل له بتجلي حقيقة الوجود بالوجودات والأكوان الخاصة ، كما هو مقال الموسومين بالشامخين من الصوفية.
الرابع : تجلي الصانع بمصنوعاته ، وبما أبدع وعمل فيها من اللطائف والصور وغيرها ، فإنّ وجوده وعلمه وقدرته وحكمته وسائر كمالاته تتجلى بها ، ويكون ما صنعه وما أبدع فيه آيات له ولكمالاته.
__________________
(١) راجع الهامش ٥ من الصفحة ٩٠.
(٢) الأعراف ١٤٣.
(٣) سيأتي بعضها في ص ٩٢ ، ٩٣.