الامتزاج والمسحة (١).
التنبيه السادس : أخذ الميثاق في عالم الذرّ
بعد أن خلق الله تعالى الأبدان الذرّية المتعلّقة بالأرواح المخلوقة قبلها فلا يبعد أن يكون حياة كلّ بدن بسبب تعلّق الروح الواجدة لنور الحياة والعلم به ، وموته بانفصال الروح عنه ، كما يمكن أن يكون حياته بوجدانه مستقلا النور المذكور (٢). وعلى هذا الاحتمال تكون حياة الأبدان نظير حياة الأرواح المخلوقة قبلها فإنّها أيضا بالنور.
وبالجملة بعد صيرورة الأبدان الذرّيّة حيّة عالمة صالحة للتكليف المناسب لها ، وبعد إسكانها في فضاء الأرض عرّف الله تعالى إيّاهم ـ ثانيا أو ثالثا ـ نفسه ونبيّه وحججه ، وأخذ من جميعهم الإقرار بربوبيته ورسالة رسوله وولاية أوليائه المنتجبين صلوات الله عليهم. والظاهر أنّ آدم عليهالسلام وحوّاء كانا من جملتهم مع البدن الذرّيّ قبل خلقة الجسد المعهود.
ولعلّ ذلك العالم هو المراد من الذرّ الأوّل في رواية عليّ بن معمّر عن أبيه ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ) (٣) ، قال : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا ذرأ الخلق في الذرّ الأوّل فأقامهم صفوفا وبعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآله ، فآمن به قوم وأنكره قوم فقال الله : هذا نذير من النذر الاولى ، يعني به محمّدا صلىاللهعليهوآله حيث دعاهم إلى الله عزّ وجلّ في الذرّ الأوّل (٤).
التنبيه السابع : امتحان الناس في عالم الذرّ
يظهر من بعض الروايات أنّ الله ابتلى الخلق في بدء الخلقة قبل ابتلائهم في هذه الدنيا ، بأن أجّج نارا فأمرهم بدخولها ، فدخل فيها قوم فصارت عليهم بردا وسلاما ، ولم
__________________
(١) البحار ٥ : ٢٤٢ ، ٢٤٧.
(٢) وقد أشرنا سابقا إلى ما يدل على شهادة الجمادات ونطقها الدالة على إمكان إفاضة نور العلم عليها ، فراجع التنبيه الثاني.
(٣) النجم ٥٦.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ : ٣٤٠ ، وعنه البحار ٥ : ٢٣٤.