عزّ وجلّ ، ووجهان يثبتان فيه ، فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل : « واحد » يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، أما ترى أنّه كفر من قال : إنّه ثالث ثلاثة. وقول القائل : هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز ، لأنه تشبيه ، وجلّ ربنا وتعالى عن ذلك. وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل : « هو واحد ليس له في الأشياء شبه » ، كذلك ربنا ، وقول القائل : إنّه عزّ وجلّ أحديّ المعنى ، يعني أنّه لا ينقسم في وجود ، ولا عقل ، ولا وهم. كذلك ربّنا عزّ وجلّ (١).
فإنّه بناء على كون الأمر الواقعي في دار التحقّق هي الحقيقة المطلقة المسمّاة بالوجود ، بما له من الإطلاق المنطوي في الوجودات المقيدة ، ومن الوحدة المنطوية في الكثرة من غير حلول ، وكانت مغايرة الحق مع الخلق بالإطلاق والتقييد لا محالة يقع الانقسام بجميع معانيه على تلك الحقيقة ، فتدبر واعتبر.
وممّا يجب التنبيه عليه أنّ وحدة الوجود ـ مع غمض النظر عن بطلان أدلّتها ـ متفرّعة على أصالة الوجود واعتباريّة الماهيّة ، وأنّ ماهيّات الممكنات ليست إلاّ منتزعة من حدود الوجود. وهذا خلاف ما يقضي به الفطرة السليمة من أنّ الأشياء الخارجيّة حقائق متباينة ، ومتعلّق جعل الجاعل ـ عزّ اسمه ـ هو الإنسان بما هو انسان ، والفرس بما هو فرس ، والشجر بما هو شجر ... ، لا وجود الأشياء (٢).
تنبيه
عمدة ما استدلّ به من الآيات والروايات للقائلين بوحدة الوجود والموجود :
قوله تعالى : ( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) (٣).
وفيه : أنّه مبنيّ على كون المراد من نورها وجودها وثبوتها وكيانها ، وهو ممنوع
__________________
(١) البحار ٣ : ٢٠٦.
(٢) وفيما حرّره صديقنا الفقيد ، مشاركنا في أبحاثنا ، آية الله ميرزا جواد آغا طهراني قدسسره في كتابه « عارف وصوفى چه مى گويند؟ » تلخيص ما استدلّوا به على أصالة الوجود وما يرد عليهم. وأدلّتهم مبتنية على مقدّمات غير مسلّمة ، أو مصادرة على المطلوب.
(٣) النور ٣٥.