والفرق في تفاوت مراتب وجدان القدرة.
هذا ، ولكن ثبوت القدرة عليهمالسلام على الخلق والرزق لا يلازم تفويض أمرهما إليهم عليهمالسلام ، وإعمالهم القدرة فيها ، كما هو واضح. وبالجملة : لا منافاة بين الأدلة الدالة على قدرة الأئمة عليهمالسلام بإقدار الله تعالى على الخلق والرزق وبين ما دلّ على أن الخلق والرزق لله تعالى وحده ، كما يظهر بالتأمل.
وأما التفويض إليهم صلوات الله عليهم في أمر الدين فيدلّ عليه غير واحد من الروايات ، أورد عدة منها المجلسيّ ـ قدسسره ـ في المجلد السابع من البحار (١). وإنّما الإشكال في موضوعه وحدوده.
فنقول ـ بعد وضوح بطلان القول به على نحو العموم بأن يحلّلوا ما شاءوا ويحرّموا ما شاءوا مطلقا من غير وحي وإلهام من الله تعالى ، أو يغيّروا ما أوحى الله إليهم بآرائهم ، كما يظهر لمن تتبّع أحوال النبي صلىاللهعليهوآله وما وصل إلينا منه ومن أوصيائه ، وأنه كان ينتظر الوحي ، بل لا يقول به عاقل ـ : إنّ الذي يظهر من مجموع الروايات المباركات أنّ الأحكام الصادرة منهم لبيان وظائف الناس على قسمين :
القسم الأوّل : أحكام فرضها الله تعالى ، وكان شأن النبي والأئمة عليهمالسلام إبلاغها ، إمّا بنحو كلي أو بصورة الحكم الجزئي الذي يشمله الحكم الكلي الصادر من الله تعالى. ويعبّر عن تلك الأحكام بالفريضة أو بفرض الله ، وهذا يعمّ الواجبات والمحرمات ، بل وغير هما ، فإنّ كل حكم شرعه الله تعالى وعيّنه ـ تكليفيا كان أو وضعيا ـ فهو فريضة منه تعالى وإن كان الشائع استعمالها في الواجبات.
القسم الثاني : أحكام فوّض أمرها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وجعل له الولاية عليها ، وهذا على ثلاثة أقسام كلها من شئون الولاية التشريعية التي جعلها الله للنبيّ صلىاللهعليهوآله ـ بلا إشكال ـ وللأئمّة عليهمالسلام أيضا طبق ظاهر بعض الروايات ، كما سيأتي ، وهذه الأقسام هي :
الأول : تشريع الحكم الدائم. وموضوعه ما لم يشرّع الله فيه حكما ، فإنّه الذي فوّض أمره إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وعبّر عنه تارة بالسنّة ، واخرى بفرض النبي ، وهذا ثابت
__________________
(١) البحار ٢٥ : ٣٢٨ ـ ٣٤٦.