وبمجانبة الجهل وجنوده (١).
ينبغي ذكر إجمال ممّا قاله بعض الحكماء في شأن النفس والعقل وحقيقتهما ، كي يمتاز ما قالوا به في هذا الباب عمّا نطق به الكتاب الكريم والرسول الأكرم والأئمّة المعصومون عليهمالسلام ، ويظهر أنّ الحقيقة التي سمّوها بالعقل أجنبيّة عن الحقيقة المسمّاة في الروايات ـ بل وعند العرف أيضا ـ بالعقل.
فعن غير واحد : أنّ للنفس قوى يشترك فيها النبات ، والحيوان ، والإنسان ، وقوى تختصّ بالإنسان ، والقوى المشتركة في الثلاثة أصولها ثلاثة : الغاذية ، والنامية ، والمولّدة.
والقوى المشتركة بين الإنسان والحيوان على قسمين : مدركة ، ومحركة ، والقوى المدركة عشر : خمس في الظاهر ، وخمس في الباطن ، والقوى الظاهرة : الباصرة ، والسامعة ، والذائقة ، واللامسة ، والشامّة.
والقوى الباطنة ـ على ما قاله بعضهم ـ : أوّلها الحسّ المشترك ، وهو الذي ترتسم فيه صور الأشياء المحسوسة بالحواسّ الظاهرة.
والثانية : الخيال ، وهو الذي يحفظ ما يرتسم في الحسّ المشترك.
والثالثة : الواهمة ، وهي التي تدرك بها المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات.
والمراد بالمعنى ما لا يدرك بالحواسّ الظاهرة ، كعداوة زيد ، ومحبّة عمرو ، ومحبّة الشاة لولدها ، وعداوة الذئب لها.
والرابعة : الحافظة ، وهي التي تحفظ المعاني الجزئيّة ، ونسبتها إلى الواهمة كنسبة الخيال إلى الحسّ المشترك.
والخامسة : المتخيّلة ، وهي التي تركّب بين الصور والمعاني ، فتثبت بعضها لبعض ، وتنفي بعضها عن بعض. وعن بعضهم : أنّ محلّ تلك القوى الدماغ.
والقوى المحرّكة المشتركة بين الإنسان والحيوان تنقسم إلى : باعثة ، وفاعلة ،
__________________
(١) علل الشرائع : ١١٣ ؛ وفي المحاسن : ١٩٨ ، والخصال : ٥٩١ : وإنّما يدرك الفوز ...