برسله ، وقطع عذرهم بكتبه ، ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ، ويستوجبون بطاعتهم له الثواب ، وبمعصيتهم إيّاه العقاب.
قال : فالعمل الصالح من العبد هو فعله ، والعمل الشرّ من العبد هو فعله؟ قال عليهالسلام :
العمل الصالح العبد يفعله ، والله أمره ، والعمل الشرّ العبد يفعله والله عنه نهاه.
قال : أليس فعله بالآلة التي ركّبها فيه؟ قال عليهالسلام : نعم ولكن بالآلة التي عمل بها الخير قدر بها على الشر الذي نهاه عنه.
قال : فإلى العبد من الأمر شيء؟ قال عليهالسلام : ما نهاه الله عن شيء إلاّ وقد علم أنّه يطيق تركه ، ولا أمره بشيء إلاّ وقد علم أنّه يستطيع فعله ، لأنّه ليس من صفته الجور ، والعبث ، والظلم ، وتكليف العباد ما لا يطيقون.
قال : فمن خلقه الله كافرا أيستطيع الإيمان وله عليه بتركه الإيمان حجة؟ قال عليهالسلام : إنّ الله خلق خلقه جميعا مسلمين ، أمرهم ونهاهم ، والكفر اسم يلحق الفعل حين يفعله العبد ، ولم يخلق العبد حين خلقه كافرا ، إنّه إنّما كفر من بعد أن بلغ وقتا لزمته الحجة من الله ، فعرض عليه الحقّ فجحده ، فبإنكاره الحقّ صار كافرا.
قال : فيجوز أن يقدّر على العبد الشرّ ويأمره بالخير وهو لا يستطيع الخير أن يعمله ويعذّبه عليه؟
قال عليهالسلام : إنّه لا يليق بعدل الله ورأفته أن يقدّر على العبد الشرّ ويريده منه ، ثم يأمره بما يعلم أنّه لا يستطيع أخذه ... الخبر (١).
وعن التوحيد مسندا عن صباح الحذّاء عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سأله زرارة وأنا حاضر فقال : أفرأيت ما افترض الله علينا في كتابه وما نهانا عنه جعلنا مستطيعين لما افترض علينا ، مستطيعين لما نهانا عنه؟ فقال : نعم (٢).
وعن الطرائف : روى جماعة من علماء الإسلام عن نبيّهم صلىاللهعليهوآله أنّه قال : لعنت القدرية على لسان سبعين نبيّا ، قيل : ومن القدرية يا رسول الله؟ فقال : قوم يزعمون أنّ
__________________
(١) البحار ٥ : ١٨.
(٢) البحار ٥ : ٣٤.