٢ ـ قولهم : الواحد لا يصدر منه إلاّ الواحد.
٣ ـ مسألة امتناع انفكاك العلّة التامّة عن معلولها.
٤ ـ قولهم : بسيط الحقيقة كلّ الأشياء وليس بشيء منها.
أمّا المسألة الأولى ـ لو سلّم كونها قاعدة عقلية لا تقبل التخصيص (١) ـ فموضوعها ما إذا كانت العلّية والفاعليّة بالرشح والفيضان بمعناه الحقيقيّ عن ذات العلّة ، أو بتجلّي العلّة بذاتها في أطوارها وشئونها ، وأمّا الحقّ المتعالي عن أن يتولّد منه شيء ، أو يتغيّر بفعله ، أو يتطوّر ، وكانت فاعليّته بالمشيّة والإبداع لا من شيء ، بلا تغيّر أو تطوّر في ذاته ـ كما في غير واحدة من الروايات (٢) ـ فلا تجري القاعدة المذكورة فيه.
وكذلك المسألة الثانية موضوعها أيضا ما ذكرنا. وأمّا إذا كانت الخلقة بنحو الإبداع لا من شيء وكان الفاعل لا يشغله شأن عن شأن ، ولا علم شيء عن علم شيء ، ولا خلق شيء عن خلق شيء ، ولا يتغير بفعله ، وليس كمثله شيء ، فلا مانع عقلا من أن يخلق الأشياء المختلفة المتعددة في ساعة واحدة بلا سبق لأحدهما على الآخر ، قال الله تعالى : ( ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ ) (٣).
وفي رواية الهرويّ عن الرضا عليهالسلام : ... وكان قادرا أن يخلقها في طرفة عين ، ولكنّه عزّ وجلّ خلقها في ستّة أيام ، ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء ، فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى ذكره مرّة بعد مرّة ... (٤).
أما المسألة الثالثة فموضوعها ما إذا كان كمال ذات الفاعل ـ مضافا إلى تماميته في ما به قوام ذاته ـ كونه فوق التمام ، أي تامّ الفاعلية دائما ، بمعنى أن يكون له الفيض الدائم ، وكان الفيض من سنخ ذات الفاعل ومنشأ منه ، كي يكون قطعه مستندا إلى نقص في ذات الفاعل ، الواجب عقلا تنزيه القديم منه.
__________________
(١) إشارة إلى ما حكي عن ابن سينا في مباحث العلّة من إلهيّات الشفاء : أنّ العلّة الفاعليّة لا يجب أن تفعل ما يشابهها. وإشارة إلى ما عن أكثر الفلاسفة المشّائين من كون الموجودات حقائق متباينة.
(٢) كما يأتي ذكرها في المسألة الثالثة.
(٣) لقمان ٢٨.
(٤) البحار ٣ : ٣١٨ ، عن التوحيد والعيون.