المحدوديّة للمحيط بوجود المحاط ولا المزاحمة ـ هو نور العلم الظاهر بذاته المظهر للمعلومات والمحسوسات بالحواسّ الظاهرة ، جواهرها وأعراضها ، ومنها النور المحسوس بالبصر والظلمة ، وكذا المعقولات والمتصورات ، فإن الصورة الحاصلة في الذهن وحصول الصورة وعرض الإضافة التي اختلفوا في أنّ العلم الحصولي المصطلح في المنطق من أيّ مقولة من هذه المقولات ، وكذا صفة الحضور ـ نظير الجواهر والأعراض الخارجيّة ـ كلّها من المعلومات. وفوق جميعها ، لا بالفوقية المكانية ، نور ـ كما ذكرنا مرارا ـ يكون علم المخلوق بأي منها ـ حتى بنفسه ـ بوجدانه لذلك النور المظهر لها بقدر ، وجهله بها بفقدانه إيّاه ، وإن لم يجد كيفيّتهما ، فمن يجد ما ذكرنا من النور الظاهر بذاته المظهر لما عداه من المعلومات ، ويجد إحاطته بجميعها ظاهرها وباطنها ويجد عدم محدوديّة وجوده بوجودها كيف يجوّز عقلا إنكار حقيقة ووجود آخر مباين لها ومغاير لها بالمغايرة الحقيقيّة يكون هو الخالق لها المحيط بحقيقتها ظاهرها وباطنها بتوهم لزوم التحديد والتركيب والمزاحمة بينه وبينها لو قلنا بوجود كليهما ، كي يحتاج إلى الالتزام بأنّ كلّ ما في عالم الوجود من سنخ واحد. فكيف بالالتزام بالوحدة الحقيقية العينية ، وأنّ المغايرة بين الخالق والمخلوق اعتبارية.
تنبيهات فيها فذلكة لما ذكر مراراً :
بعد ما بيّنا ( لإمكان إحاطة شيء بشيء بظاهره وباطنه مع واقعية كليهما من دون مشابهة ولا تداخل ولا ممازجة بينهما ، ولا محدودية في ذات المحيط مع واقعية المحاط ) من التمثيل بنور العلم الذي وصفه الصادق عليهالسلام في رواية حنّان بن سدير بالمثل الأعلى (١).
١ ـ كيف يصحّ لمن فهم ما ذكرنا دعوى إمكان تنزّل الشيء بحقيقة الشيئية ، الذات الأزلي القائم بذاته ، وصيرورته مخلوقا مبدعا لا من شيء ، شيئا بالغير ، حادثا بالحدوث الحقيقيّ مع أنّه خلاف ذاتهما؟
__________________
(١) راجع ص ٢٧.