٢ ـ كيف يصحّ له دعوى إمكان تطوّر الشيء بحقيقة الشيئية القائم بذاته الأزلي بما هو مخلوق مبدع لا من شيء قائم ذاته بالغير مع كونه خلاف ذاتهما؟
٣ ـ كيف يصحّ له دعوى إمكان صعود الشيء الذي شيئيته بالغير ، المخلوق المبدع لا من شيء الحادث بالحدوث الحقيقي ، ورجوعه وفنائه أي اندكاكه في الشيء بحقيقة الشيئيّة ، الذات الأزليّ القائم بذاته ، مع أنّه خلاف ذاتهما؟
٤ ـ كيف يصحّ له دعوى السنخيّة بينهما مع أنّه خلاف ذاتهما فضلا عن العينية؟
وبالجملة : الذات الربوبي جلّ ثناؤه أجلّ وأقدس من أن يكون مجانسا لأشرف مخلوقاته ، كما صرّح به رسوله الأكرم صلىاللهعليهوآله بقوله : وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته (١). ومن أن يتطور بأشرفها وأطهرها ، فضلا أن يتطور بأخسّها وأخبثها وأقذرها ، وغير ذلك ممّا لا ينبغي تصوّره ، فضلا عن ذكره بلسان ، أو كتابته ببنان ، ممّا لا بدّ للقائل بوحدة الوجود والموجود من الالتزام به ، كما التزم به القائل المتقدم ذكره بقوله في بعض كلماته :
فكما وفّقني الله بفضله ورحمته على الاطلاع على الهلاك السرمدي والبطلان الأزلي للماهيّات الإمكانية والأعيان الجوازيّة فكذلك هداني بالبرهان النيّر العرشي إلى صراط مستقيم من كون الموجود والوجود منحصرة في حقيقة واحدة شخصيّة لا شريك له في الموجودية الحقيقيّة ، ولا ثاني له في العين ، وليس في دار الوجود غيره ديّار ، وكلّ ما يتراءى في عالم الوجود أنّه غير الواجب المعبود فإنّما هو من ظهورات ذاته ، وتجليات صفاته التي هي في الحقيقة عين ذاته ، كما صرّح به لسان العرفاء بقوله : فالمقول عليه سوى الله أو غيره أو المسمّى بالعالم فهو بالنسبة إليه تعالى كالظلّ للشخص ، فهو ظلّ الله ... فكلّ ما ندركه فهو وجود الحقّ في أعيان الممكنات. فمن حيث هويّة الحق هو وجوده ، ومن حيث اختلاف المعاني والأحوال المفهومة منها المنتزعة عنها بحسب العقل الفكري والقوّة الحسيّة فهو أعيان الممكنات الباطلة الذوات ، فكما لا يزول عنه باختلاف الصور والمعاني اسم الظل كذلك لا يزول عنه اسم العالم وما سوى الحقّ. وإذا كان الأمر على ما ذكرته فالعالم متوهّم ما له وجود حقيقيّ ، فهذا حكاية ما ذهب إليه العرفاء
__________________
(١) راجع ص ٦٢.