بإراءته تلك الآيات ، ثم بتعريفه بذلك النور مصنوعيّة الآيات ، ثم بتعريفه إيّاها بوصف الآيتيّة ، كما قال تعالى :
( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ ) (١).
( اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ ) (٢).
( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (٣).
وفي رواية منصور بن حازم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إني ناظرت قوما فقلت لهم : إنّ الله أعزّ وأجلّ وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل العباد يعرفون بالله ، فقال : رحمك الله (٤).
الهداية من الله تعالى ـ مضافا إلى بعث الرسل ـ على قسمين : هداية عامة ، وهداية خاصة بالمؤمنين والمتّقين.
والاولى تحصل بوجدان العلم والعقل بإذن الله ، بمقدار يفهم به الجيّد والرديّ ، ويميّز به بين الحق والباطل ، وبما فطر عليه من معرفة الله ، ووجوب ما فرض عليه عقلا من طاعة الله ، وحرمة معصيته ، واستحباب ما ندب إليه وكراهة ما كرهه في ما أمر به وما نهى عنه.
والثانية تحصل بتكميل فهم ذلك وتسديده من الله تعالى ، وبتفهيم ما يترتّب على الطاعة والمعصية من مثوبات الدنيا والآخرة وعقوباتهما ، وبأن يعرّفه عظمة الربّ تعالى شأنه الموجب لعرفان عظمة العصيان ، وبأن يعرّفه النعم التي أنعم الله بها عليه ، وبتسبيبه تعالى شأنه الأسباب التي تحصل أو تسهل بها الطاعة ، ونحو ذلك.
وهذه توفيقات من الله تعالى للمؤمنين والمتّقين ، وإعانة وتأييد من دون أن
__________________
(١) غافر ١٣.
(٢) الشورى ١٣.
(٣) القصص ٥٦.
(٤) الكافي ١ : ٨٦.