وعن بعضهم في ذيل كلام المحدّث المذكور : وتحقيق المقام يقتضي ما ذهب إليه. فإن قلت : قد عزلت العقل عن الحكم في الاصول والفروع ، فهل يبقى له حكم في مسألة من المسائل؟ قلت : أما البديهيّات فهي له وحده ، وأما النظريّات فإن وافقها النقل وحكم بحكمها قدّم حكمه على النقل وحده. وأمّا لو تعارض هو والنقلي فلا شك عندنا في ترجيح النقل وعدم الالتفات إلى ما حكم به العقل (١).
أقول : كيف تتلاءم هذه التعابير مع ما ورد في القرآن الكريم في شأن العقل وأولي الألباب المفسّرة بأولي العقول ، من حثّ الناس على التعقل ، والإنكار على ترك التعقّل ، وذمّه بقوله تعالى : ( أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ) (٢). والتوعيد بقوله : ( وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ) (٣).
وما عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : استرشدوا العقل ترشدوا ، ولا تعصوه فتندموا (٤).
وعنه صلىاللهعليهوآله : إنّما يدرك الخير كلّه بالعقل ، ولا دين لمن لا عقل له (٥).
وعن الصادق عليهالسلام : حجة الله على العباد النبيّ ، والحجّة فيما بين العباد وبين الله العقل (٦).
وعن الصادق عليهالسلام : العقل دليل المؤمن (٧).
وعن أبي الحسن الرضا عليهالسلام في خبر ابن السكّيت : حيث قال : فما الحجّة على الخلق اليوم؟ قال : العقل ، يعرف به الصادق على الله فيصدّقه ، والكاذب فيكذّبه (٨).
__________________
(١) رسائل الشيخ الأنصاريّ : مبحث القطع.
(٢) يس ٦٢.
(٣) يونس ١٠٠.
(٤) البحار ١ : ٩٦ ، عن كنز الفوائد.
(٥) تحف العقول ٥٤ ، وعنه البحار ٧٧ : ١٥٨.
(٦) الكافي ١ : ٢٥.
(٧) الكافي ١ : ٢٥.
(٨) الكافي ١ : ٢٥ ، البحار ١ : ١٠٥.