أشدّ المنع ، لقوة احتمال كون المراد منه ما به ظهور وجودها بعد وجودها وثبوتها وكيانها.
وقوله تعالى : ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (١). بدعوى أنّه من أجل أنه وجوده وثبوته.
وفيه : عدم انحصار الوجه بذلك ، فإنّ ذاته الأقدس المحيط به وبوجوده وثبوته هو الأقرب.
وقوله تعالى : ( ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ) (٢).
وفيه : أنّه مبني على كون الوجه أنّه بوحدته كلّ الأشياء وليس هو شيئا من الأشياء ، وهو ممنوع ، فإنّ المعيّة تقتضي الغيريّة الحقيقيّة لا الغيريّة الاعتباريّة ، بل هو ـ كما في ما قبله وما سيجيء من الروايات ـ على خلاف مطلوبهم أدلّ.
ومنه : ما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : خلق الله الخلق في ظلمة ثم رشّ عليه من نوره (٣).
وفيه : أنّه مبني على كون المراد من رشّ النور ظهوره بالوجود. وهو ممنوع ، فإنّ الخلق بمعناه الحقيقي مساوق للوجود والثبوت ، ولفظة « ثمّ » ظاهرة في تأخر الرشّ عنه ، فهو في إرادة تحميل العلم الذي هو حقيقة النور على الخلق المظلم ذاتا ـ كما هو حقيقة كل مخلوق ـ أظهر.
ومنه : ما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنّه فوق كل شيء ، وتحت كل شيء ، قد ملأ كلّ شيء عظمته ، فلم يخل منه أرض ولا سماء ، ولا برّ ولا بحر ، ولا هواء (٤).
وعنه صلىاللهعليهوآله : لو أدليتم بحبل على الأرض السفلى لهبط على الله (٥).
وفي الأسفار قال موسى : أقريب أنت فأناجيك ، أم بعيد أنت فأناديك ، فإنيّ أحسّ حسن صوتك ولا أراك فأين أنت؟ فقال الله : أنا خلفك ، وأمامك ، وعن يمينك وشمالك ،
__________________
(١) ق : ١٦.
(٢) المجادلة : ٧.
(٣) سنن الترمذيّ ٤ : ١٣٥ ، وفيه : ثم ألقى عليه من نوره ، وللحديث تتمّة.
(٤) الأسفار ٦ : ١٤٢.
(٥) الأسفار ٦ : ١٤٢.