إلى الكائنات الأخر أيضا من الحقائق المشهودة بواسطة الحواسّ الظاهرة ، أو إلى الأمور المتصوّرة أو المعقولة فإنّه يجد أنّ جملة منها له الفهم والشعور بها وبتحقّقها وبقضايا واقعة فيها ، وأنّ جملة منها ليست مكشوفة ، ويجد أيضا أنّ جملة منها حصل الكشف لها بعد أن لم تكن مكشوفة ، فيتنبّه أنّ ما عدا الأشياء المكشوفة وغير المكشوفة أمر آخر يكون به كشفها وظهورها له.
وبالجملة : أنّه يجد حقيقتين وواقعيّتين : امورا ليست ظاهرة بذاتها ، وأمرا آخر يكون وراء ذلك كلّه يكون به ظهور هذه الامور له.
ثم يتنبّه إلى أنّ نفسه وكونها ـ أى وجودها ـ إنّما هي من تلك الامور المكشوفة له ، فيتنبّه إلى أنّ نفسه ليست هي الكاشفة بذاتها لها ، وكذلك كونها أي وجودها ، بل الكاشف أمر آخر.
والحاصل أنّه يتنبّه أنّ ما عدا نفسه وما عدا الأشياء المكشوفة له أمر آخر يكون به كشف جميعها ، وهو حقيقة العلم.
تذكرة
ربما يغفل الإنسان عن ذاته ، والغفلة لا تعقل في حقيقة الكشف والشعور.
تذكرة أخرى
عدم شعور الإنسان بنفسه في حال الإغماء وفي بعض أحوال النوم دليل آخر على أنّه ليس من حقيقة العلم والشعور.
تذكرة أخرى
من أقرب الأشياء إلى الإنسان نفسه وذاته ، فلو كان ذاته عين العلم والشعور لم تخف عليه حقيقته وإنّيته. وتوهّم وجود الحجاب مدفوع بأنّ محجوبيّة العلم عن نفسه غلط واضح.
وبالجملة : الغفلة ، والجهل ، والنسيان ، وبعض أحوال النوم ، كلّ واحد منها دليل على أنّ حقيقة العلم خارجة عن حقيقة الإنسان.