وتحققها مقيّدا ، وهو ممنوع ، كما مرّ ، بل هو على خلافه أدلّ ، كما يظهر بالتأمّل.
ومنه : ما في هذا الدعاء : كيف يستدلّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك! أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك! (١). بدعوى أنّ ظهوره هو وجوده ، وصريحه أنّ الظهور لك لا لغيرك.
وفيه : إمكان أن يكون المراد أنّ وجود الغير المفتقر إلى الله تعالى ، ليس له بنفسه ظهور حتى يكون هو المظهر له تعالى من أجل أنّه آية له. بل ظهور وجود الغير إنّما هو به تعالى ، فهو المظهر لوجود الغير الذي هو آية له تعالى ، والمظهر لنفسه تعالى أيضا من أجل أنّه ذو الآية.
ومنه : ما فيه أيضا : تعرّفت إليّ في كل شيء ، فرأيتك ظاهرا في كل شيء. بدعوى أنّ كونه ظاهرا في كل شيء من جهة أنّه وجود كل شيء.
وفيه : ما مرّ من إمكان كون المراد هنا أيضا ظهور ذي الآية بالآيات الموجودة بحكم العقل ، نظير ما في الحديث : جعل الخلق دليلا عليه فكشف به عن ربوبيته (٢).
وفي الحديث المرويّ عن ثامن الأئمّة صلوات الله عليه : فأيّ ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى ، لأنّك لا تعدم صنعته حيثما توجّهت ، وفيه من آثاره ما يغنيك (٣).
فمع هذا الاحتمال لا يكون دليلا على قولهم.
ومنه : ما عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أصدق شيء قاله شاعر كلمة لبيد : ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل (٤). بدعوى أن بطلانه من جهة أنّه ليس لشيء وجود إلاّ وجود الحق ، والماهيّات امور اعتباريّة باطلة.
وفيه : أوّلا : أنّ ظاهر كلامه كما يشهد به قوله :
|
|
وكلّ نعيم لا محالة زائل |
وكلّ أناس سوف تدخل بينهم |
|
دويهيّة تصفرّ منها الأنامل |
__________________
(١) البحار ٩٨ : ٢٢٥ ، عن الإقبال.
(٢) البحار ٤ : ٢٥٣ ، عن الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
(٣) التوحيد ١٨٩ ، العيون ١ : ١٤٩ ، البحار ٤ : ١٧٨.
(٤) صحيح البخاريّ ٥ : ٥٣.