منها : ما رواه إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى بن سالم (١) ومحمد بن مسلم وزرارة وهي رواية صحيحة ، بتقريب أن لفظة « كل » من أداة العموم فقد دلت الرواية على أن التقيّة جائزة أو واجبة في كل أمر اضطر إليه ابن آدم ، ثم فرّعت عليه قوله عليهالسلام « فقد أحلّه الله ... » ودلّنا ذلك على أن كل أمر اضطر إليه العباد فهو محلّل في حقِّه ، وأن الاضطرار والتقيّة رافعان لحرمته على تقدير كونه محرماً في نفسه. ومن الظاهر أن حلية كل حرام بحسبه ، فإذا كان العمل محرماً نفسياً في نفسه مع قطع النظر عن التقيّة فهي تجعله مباحاً نفسياً لا يترتب على فعله العقاب والمؤاخذة ، كما أنه إذا كان محرّماً غيرياً فالتقية تجعله مباحاً غيرياً ومعناه عدم كون العمل مشروطاً بذلك الشيء ، مثلاً إذا اضطر المكلف إلى التكفير في صلاة أو إلى ترك البسملة أو إلى استعمال التراب للتيمم في صلاته وهي من المحرمات الغيرية لاشتراط الصلاة بعدم التكفير وعدم ترك البسملة فالتقية تجعلها مباحة غيرية بمعنى عدم اشتراط الصلاة بعدم التكفير أو بعدم ترك البسملة وهكذا ، ونتيجة ذلك : أن الصلاة الواجبة في حقِّه غير مشروطة بعدم التكفير وعدم ترك البسملة ، وبذلك يثبت وجوب الصلاة الفاقدة لبعض أجزائها أو شرائطها أو الواجدة لبعض موانعها.
وعلى الجملة : إن الصحيحة كما تشمل التكاليف النفسية من الوجوب والحرمة النفسيين ، كذلك تشمل التكاليف الغيرية أعني الوجوب والحرمة الغيريين ، هذا.
وفيه : أن الظاهر من الصحيحة أن كل عمل كان محرماً بأيّ عنوان من العناوين المفروضة تزول عنه حرمته بواسطة التقيّة ، فيصير العمل المعنون بذلك العنوان متصفاً بالحلية لأجلها ، لا أن الحلية توجب التغيّر والتبدل في موضوعها ، لوضوح أن الحكم لا يكون محققاً لموضوعه ولا مغيراً له ، مثلاً التكتف في الصلاة لما كان بعنوان كونه مبطلاً محرّماً في الصلاة فتقتضي التقيّة كون التكتف المبطل حلالاً في الصلاة ، ومعنى
__________________
(١) هكذا في الوسائل ١٦ : ٢١٤ / أبواب الأمر والنهي ب ٢٥ ح ٢ وهو غلط ، والصحيح سام كما في نسخة الكافي ٢ : ٢٣٠ / ١٨ ، أو بسام كما احتمله بعضهم.