الفاقد للمضطر إلى تركه من جزء أو شرط أو الواجد للمضطر إلى فعله أعني المانع لأنه وقتئذٍ مضطر إلى ترك الجزء أو الشرط أو إلى الإتيان بالمانع ، ولا يتمكن من ترك العمل المركب برمته لقدرته من الإتيان به على الفرض ، إلاّ أن الحكم لا يكون محققاً لموضوع نفسه فكيف يعقل أن يكون الحكم بالحلية محققاً للاضطرار الذي هو موضوعه ، لأنه موضوع للحكم بالحلية وارتفاع الحرمة ، ولا مناص من أن يتحقق بنفسه أوّلاً مع قطع النظر عن حكمه حتى يحكم بالحلية ، وليس الأمر كذلك في المقام لوضوح أن المكلف مع قطع النظر عن الحكم بالحلية في مورد الاضطرار غير مضطر إلى ترك الجزء أو الشرط بالوجدان ، لتمكنه واقتداره من ترك العمل المركب رأساً. كما أن العلم الخارجي في مورد كالصلاة بأن المركب عمل لا يسقط عنه حكمه أبداً وإن لم يتمكّن المكلف من جزئه أو شرطه أو من ترك الإتيان بمانعه ، كذلك ، أي لا يحقق ذلك صدق عنوان الاضطرار وتحققه إلى ترك الجزء أو الشرط أو إلى الإتيان بالمانع حتى يحكم بارتفاع التكاليف الغيرية بالتبع ، لأن الكلام إنما هو في أنه لو كنّا نحن والأدلة الدالة على ارتفاع ما اضطر إليه وحلية العمل المأتي به تقيّة ، فهل تقتضي تلك الأدلة ارتفاع التكاليف الغيرية بالاضطرار وعدم اشتراط العمل بما اضطر إلى تركه من شرط أو جزء أو إلى فعله كالموانع ، حتى يجب الإتيان به فاقداً لما اضطر إليه ولا تجب عليه الإعادة أو القضاء ، ليكون ذلك قاعدة كلية تجري في جميع الموارد ، أو أنها لا تقتضي ذلك؟ لا فيما إذا علمنا بوجوب العمل الفاقد لما اضطر إلى تركه أو إلى فعله في مورد واحد بالدليل الخارجي كالصلاة ، لوضوح أن وجوب الفاقد حينئذٍ غير مستند إلى أدلّة التقيّة حتى نتعدى إلى جميع مواردها ، بل إنما يستند إلى الدليل الخارجي فيثبت في مورده فقط.
ومنها : صحيحة (١) أبي الصباح قال « والله لقد قال لي جعفر بن محمد ( عليه
__________________
(١) بناء على أنه أبو الصباح الكناني الثقة كما لا يبعد ، وأن سيف بن عميرة الواقع في سندها لم يثبت كونه واقفياً ، وإلاّ فعلى ما حكي عن بعضهم من كونه واقفياً فالرواية موثقة لا صحيحة.