الدين فإنه جائز » (١) بدعوى أن جواز كل شيء بحسبه ، فالرواية تعم الأشياء المحرمة النفسية لولا التقيّة وتجعلها جائزة نفسية ، كما تعم الأشياء المحرمة بالحرمة الغيرية فتقلبها إلى جواز الغيري لا محالة. إذن تدلنا الرواية على صحة الصلاة المقترنة بالتكتّف أو بغيره من الموانع ، لأنها جائزة جوازاً غيرياً بمقتضى التقيّة ، وكذا الصلاة الفاقدة للجزء أو الشرط.
ويرد عليه أوّلاً : أنها ضعيفة السند بمسعدة ، لعدم توثيقه في الرجال (٢).
وثانياً : أن الرواية لا دلالة لها على المدعى ، لأن الجواز فيما إذا أُسند إلى الفعل كان ظاهره الجواز النفسي فحسب ، أي كون الفعل بما هو وفي نفسه أمراً جائزاً ، لا أنه جائز لدخالته في الواجب وجوداً أو عدماً ، أو عدم دخالته فيه وهو المعبّر عنه بالجواز الغيري.
وثالثاً : أن ملاحظة صدر الرواية تدلنا على أن المراد بالجواز في الرواية إنما هو جواز نفس التقيّة لا جواز الفعل المتقى به ، فلا دلالة لها على جواز الفعل حتى يقال إنه أعم من الجواز النفسي والغيري ، وقد ورد في صدرها : « إن المؤمن إذا أظهر الايمان ثم ظهر منه ما يدل على نقضه خرج مما وصف وأظهر وكان له ناقضاً ، إلاّ أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقيّة ، ومع ذلك ينظر فيه فان كان ليس مما يمكن أن تكون التقيّة في مثله لم يقبل منه ذلك ، لأن للتقية مواضع مَن أزالها عن مواضعها لم تستقم له ، وتفسير ما يتقى مثل أن يكون ... » وهذا يدلنا على أنه عليهالسلام بصدد بيان المواضع التي تستقيم فيها التقيّة وتجوز ، وأراد تمييز تلك الموارد عما لا يجوز التقيّة في مثله ، كما إذا شرب المسكر سرّاً وادّعى أنه كان مستنداً إلى التقيّة ، فلا دلالة للرواية على وجوب الإتيان بالعمل مقترناً بمانعه أو فاقداً لجزئه وشرطه.
__________________
(١) الوسائل ١٦ : ٢١٦ / أبواب الأمر والنهي ب ٢٥ ح ٦.
(٢) قد قدمنا غير مرة أن الرجل وإن لم يوثق في الرجال إلاّ أنه ممن ورد في أسانيد كامل الزيارات وتفسير القمي ، فعلى مسلك سيدنا الأُستاذ ( مدّ ظله ) من وثاقة كل من وقع في شيء من الكتابين المذكورين ولم يضعّف بتضعيف معتبر ، لا بدّ من الحكم بوثاقة الرجل.