إلاّ أن الأمرين ممنوعان : أما الأمر الأول ، فلعدم ثبوت أن حكم الحاكم عندهم نافذ حتى في حق العالم بالخلاف. وأما الأمر الثاني فلما عرفت تفصيله.
وكيف كان ، لا دليل على صحّة الحج والوقوف مع العلم الوجداني بالخلاف ، هذا كلّه فيما إذا كان العمل المأتي به تقيّة كثير الابتلاء وبمرأى من الأئمة عليهمالسلام.
وأمّا إذا لم يكن العمل من هذا القبيل ، بل كان نادراً وغير محل الابتلاء ، فلا دليل في مثله على كون العمل الفاقد لشيء من الاجزاء والشرائط أو الواجد للمانع صحيحاً مجزياً في مقام الامتثال ، فان الدليل على ذلك ينحصر بالسيرة ولا سيره في أمثال ذلك على الفرض.
ومن هذا القبيل الوضوء بالنبيذ ولا سيما النبيذ المسكر على ما ينسب إلى بعض المخالفين من تجويزه التوضؤ بالنبيذ ، فإنه إذا توضأ بالنبيذ تقيّة فهو وإن كان جائزاً أو واجباً على الخلاف ، إلاّ أنه لا يجزئ عن المأمور به الأوّلي بوجه ، لأن التوضؤ بالنبيذ أمر نادر التحقّق ولم يتحقّق سيره في مثله حتى يقال إن الأئمة عليهمالسلام لم يردعوا عنها مع كون العمل بمرأى منهم عليهمالسلام وهذا بخلاف ما إذا تمّت الأدلّة اللفظية المتقدمة المستدل بها على سقوط الجزئية والشرطية والمانعية عند التقيّة ، لأن مقتضاها صحّة الوضوء في الصورة المفروضة كما هو واضح.
ومن هذا القبيل المسح على الخفّين ، وذلك لندرة الابتلاء به في مقام التقيّة ، حيث إن العامّة غير قائلين بوجوبه تعييناً ، وعليه فان قلنا بتمامية رواية أبي الورد المتقدمة (١) المشتملة على الترخيص في المسح على الخفّين فيما إذا كان مستنداً إلى التقيّة ، فلا مناص من الحكم بصحّته وكونه مجزياً في مقام الامتثال ، لعدم كون المسح على الخفّين من المحرّمات النفسية ، وإنما هو من المحرّمات الغيرية ، فالترخيص في مثله بمعنى رفع المانعية لا محالة.
وأمّا إذا لم نعتمد على الرواية ، لعدم توثيق أبي الورد ولا مدحه للوجوه المتقدمة
__________________
(١) في ص ٢٠٢.