المسح بالبلّة الوضوئية الباقية في اليد ، ومع يبوستها لا يتحقق المسح المأمور به كما هو ظاهر.
ومن هنا يظهر عدم إمكان الاستدلال على اعتبار الموالاة العرفية في الوضوء بالأخبار الآمرة بالإعادة عند جفاف الأعضاء للتراخي ، وذلك لاحتمال استناد البطلان وقتئذٍ إلى عدم تحقق المسح المأمور به لا إلى فوات الموالاة العرفية بين الأعضاء ، وعلى ذلك لا يعتبر الموالاة العرفية في الوضوء. نعم يعتبر عدم جفاف الأعضاء المتقدِّمة حسبما تقتضيه الموثقة والصحيحة ، فاذا جفت وكان مستنده التأخير والإبطاء فهو يوجب البطلان ، لأنه المقدار المتيقن من دلالتهما. وأمّا إذا لم يحصل التأخير الموجب للجفاف ولكن حصل الجفاف من علة أُخرى كحرارة البدن والهواء فبما أن سببية مثله للتبعيض والبطلان لا يمكن ان يستفاد من الصحيحة والموثقة لعدم دلالتهما على بيان ما به يتحقق التبعيض ، فالمرجع حينئذٍ هو الإطلاقات المقتضية للحكم بصحّة الوضوء وعدم اعتبار شيء من بقاء الرطوبة أو غيره في صحّته.
فبهذا لا لدلالة الأخبار المتقدِّمة صحّ لنا أن نقول أنه يعتبر في الوضوء أحد أمرين : إما الموالاة العرفية وإن حصل الجفاف من جهة حرارة البدن أو الهواء ، وإما بقاء الرطوبة في الأعضاء السابقة فيما إذا لم يتحقق هناك الموالاة ، بلا فرق في ذلك بين المتعمد والناسي.
هذا كلّه في الأمر الأوّل من الأُمور المستدل بها على التفصيل بين المتعمد والناسي أعني حالتي الاختيار والاضطرار.
والثاني : قاعدة الاشتغال ، بدعوى أنّا مكلفون بالطهارة للصلاة فاذا شككنا في اعتبار شيء ومدخليته في تحققها فلا مناص من أن يؤتى بها حتى نقطع بحصول الواجب في الخارج وامتثال الأمر المتعلق به ، لأنه من قبيل الشك في المحصل ، وحيث إنّا نحتمل اعتبار التوالي العرفي في حق المتعمد فلا مناص من أن نراعيه حتى نقطع بإتيان ما هو محقق للطهارة الواجبة في حقنا.
وفيه أوّلاً : أن الطهارة ليست إلاّ نفس الأفعال أعني الغسلتين والمسحتين كما قدّمنا