وفيه : أن الرواية المستفيضة هي التي توجب أقل مراتب الاطمئنان بصدورها عن المعصوم عليهالسلام ، ومع انحصار الرواية في ثلاث أو أربع وكلها ضعاف كيف تكون الرواية مستفيضة وموجبة للاطمئنان بصدورها؟
نعم إذا لم توجد خابية ولم يتمكن المكلف منها يتعين تثقيل الميِّت بحجر أو حديد وإلقاؤه في البحر. وهذا لا يستند إلى تلكم الروايات الضعيفة ، بل لأنه مقتضى القاعدة ، للعلم الخارجي بأن الشارع لا يرضى بإهانة المؤمن أو أكله الحيوانات ، فهو أقل مراتب الستر والحفظ حينئذ ، وعليه فيكون التثقيل في طول الوضع في الخابية لا أنه في عرضه كما هو المشهور.
الوجوب في المسألة مشروط بالعجز عن الدّفن
الجهة الثالثة : في أن وجوب الوضع في الخابية بالكيفية المتقدمة هل يختص بما إذا لم يمكن دفنه في الأرض كالشاطئ ، أو يعمه وما إذا كان الدّفن في الأرض ممكناً للمكلفين؟ نسب إلى المفيد في المقنعة (١) وإلى المحقق في المعتبر (٢) الجواز أخذاً بإطلاق الصحيحة.
وهذه النسبة على تقدير صحّتها وإمكان استفادتها من كلامهما قدسسرهما لا يمكن المساعدة عليها ، وهذا لا لأجل انصراف الصحيحة إلى صورة العجز وعدم التمكن من الدّفن كما قيل بل لأن في نفس الصحيحة قرينة على الاختصاص وهي قوله : « كيف يصنع به » فإنها ظاهرة في عدم إمكان إيصاله إلى الأرض ودفنه ، وإلاّ فمع إمكانه لا وجه لقوله في السؤال : « كيف يصنع به » فإنه نظير السؤال عن أن الميِّت إذا مات في بيته كيف يصنع به ، فإنه يصنع به كما يصنع بسائر الموتى.
وعليه أي بناء على الاختصاص لا يجوز الإلقاء في البحر إذا أمكن دفنه في الأرض أو في شاطئ البحر ولو بعد تأخير ساعة أو يوم مع الأمن من طروء الفساد على الميِّت حينئذ.
__________________
(١) لاحظ المقنعة : ٨٦.
(٢) المعتبر ١ : ٢٩١.