ذلك لأن قوله « ثمّ اغسل رأسه بالرغوة » ليس من الغسل المعتبر في الاغتسال حتّى يقال إنّ الرواية دلّت على الترتيب حيث أمرت بغسل الرأس أوّلاً ثمّ الجانبين فإنّ الرغوة ممّا لا يمكن الغسل به ، إذ يعتبر في الغسل أن يكون ما به الغسل ماءً أو مائعاً آخر فلا يتحقق الغسل بغير المائعات. والرغوة ليست بماء وإنّما يتحقق بها المسح لا الغسل ، فغسل الرأس بالرغوة مقدمة للغسل الواجب في التغسيل وليس معدوداً من أجزائه ، وبعد ذلك إذا لاحظت الرواية ترى أنّها دلّت على أنّ الميِّت ينصّف في التغسيل نصفين من رأسه إلى قدمه ، ويغسل مرّتين : مرّة هذا الجانب وأُخرى ذاك الجانب.
وكأنّ المحقق الهمداني قدسسره سلّم دلالة الرواية على ذلك إلاّ أنّه لم يلتزم بمضمونها من جهة أنّها مخالفة للظواهر وجملة من النصوص وفتاوى الأصحاب (١) هذا.
وقد يناقش في الرواية سنداً ويعبّر عنها بالمرسلة ، نظراً إلى أن إبراهيم بن هاشم يرويه عن رجاله عن يونس ، إلاّ أنّ الظاهر عدم المناقشة في سندها ، لأنّ التعبير بالرجال كالتعبير بعدّة من أصحابنا ظاهر في كون الرواية مروية عن جماعة وجملة منهم معتد بها ، لعدم صحّة مثل هذا التعبير إذا كانت مروية عن واحد أو اثنين أو ثلاث.
ومن البعيد جدّاً أن لا يكون بين الجمع والرجال من لا يوثق بروايته ، إذ لو كان الأمر كذلك لأسند الرواية إلى شخص معيّن أو رمز إليه على نحو يدل على عدم ثبوت الرواية عند الأصحاب كقوله عن بعض أصحابنا ونحوه ، فالرواية من حيث السند لا خدشة فيها.
وإنّما الكلام في دلالتها ، وذلك لأنّ الغسل بالرغوة كالغسل بالتراب والصابون فكما أنّ الغسل به عبارة عن مسح اليد أو غيرها بالصابون أو التراب أوّلاً ثمّ صبّ
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٣٧٩ السطر ٣٤.