الماء عليه وإلاّ كان مسحاً لا غسلاً ، فكذلك الحال في الغسل بالرغوة ، فإن معناه مسح الرأس بها أوّلاً ثمّ صبّ الماء عليه وغسله به ، فالغسل بالرغوة غسل بالماء.
ويدلُّ على ذلك ما ذكره عليهالسلام بعد ذلك بقوله « وبالغ في ذلك واجتهد أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه » إذ لو لم يكن هناك ماء فما معنى أمره بالمبالغة في التحفظ عن دخول الماء منخريه أو مسامعه ، وعليه فالغسل بالرغوة يكفي في غسل الرأس بالماء.
ثمّ إنّ الماء الّذي يصبّه على الرأس بعد المسح بالرغوة هو ماء السدر ، إذ ليس في مفروض الرواية ماء غيره ، وذلك لقوله عليهالسلام « واعمد إلى السدر فصيره في طشت وصب عليه الماء واضربه بيدك حتّى ترتفع رغوته واعزل الرغوة في شيء وصب الآخر في الإجانة الّتي فيها الماء » وهذا هو ماء السدر وبه يغسل رأسه. وقوله بعد ذلك : « ثمّ أضجعه على جانبه الأيسر وصب الماء من نصف رأسه ... » فهو شروع في غسل الجانب الأيمن والأيسر.
وقوله : « من نصف رأسه » أيضاً لا ينافي ما ذكرناه ، لأنّه إنّما ينافيه إذا أُريد بالنصف النصف الطولي من الرأس وهو قد غسل ولا حاجة إلى تغسيله ثانياً ، إلاّ أن من المحتمل أن يراد به النصف العرضي من اذنه إلى اذنه مثلاً وذلك من باب المقدمة العلميّة في غسل الرقبة ، لأنّ الرأس هو ما فوق الرقبة فلو أُريد به تغسيل الرقبة على نحو يحصل العلم به لا مناص من أن يدخل شيئاً من الرأس في غسل كل من النصفين من باب المقدمة العلميّة ، فيدخل من كل جانب مقداراً من الرأس إلى الاذن أو فوقه ليحصل الجزم بتحقق الغسل في الجانبين.
فلو أبيت عن ذلك وقلت إنّه خلاف الظاهر من الرواية فنبقي تنصيف الرأس على ظاهره من النصف الطولي فيحمل ذلك على الاستحباب ، فيستحب بعد غسل الرأس عند غسل كل جانب غسل نصف الرأس معه ثانياً ، وهذا ممّا لا محذور فيه.
فتحصل : أنّ الرواية دلّت على غسل الرأس بماء السدر أوّلاً ثمّ الجانب الأيمن والأيسر.